اليوم برد ومنكسر خاطر الورد، نوبة شتاء وثلج وبقايا حديقة، ما بان لونَ الورد في حزة البرد، ضاعت ملامح بهجتهِ في دقيقة.
دعني أتلقط حبات البرد وإن كان بأنامل مرتجفة، لأصنع لي عقداً يُثلج صدري، وحينما يذوب من حرارة الحب، لن يجففه شيء، فهو قد ذاب بنبض وريدي وشريان قلبي، فما عاد للبرد مكان، وما عاد للشتاء عنوان، فالمطر والبرد والثلج والرعد والبرق لغتي وحُبي وعشقي.
سيأتي الشتاء، محمّلاً باللقاءات والصّباحات البيضاء، سيأتي الشتاء وأكون برفقه صديقاتي، سنحتسي القهوة ونتحدث عن أشياء لا تليق إلّا بنا، سنضحك حتى البكاء.
ضمني عن برد الشتاء، ودفني إذا أصبحت الدنيا جليد، ضمنيّ بيدين ملئانه دفئاً، وأعطني حبك وغيره لا أريد.
يا بياض الثلج يا طهر السحاب، يا عيون الطير يا عنق الظبي، يا حروف الحب في وسط الكتاب، يا كتاب ما تعدا مكتبي، يا سؤال ٍ ما لقينا له جواب، يا جواب كل ماله يصعبي، يا سعادة تمحي أيام العذاب، يا عذاب له عيوني تطربي، يا غدير الشوق بعيون السراب، يا سراب مَن يضمه يشربي، يا حضورٍ يملىء الدنيا غياب، يا غياب ٍ يسبي أفكاري سبياً، يا حبيبي جاك مرسول العتاب، من خفوقٍ عاف كل أهل العبي، غيبتك بكت عيونٍ ما تهاب، من قريب القوم ولا الأجنبي.
ما زالت الحياة مستمره وما زال الأمل موجوداً، ما زالت تلك القطرات تنهمر وتطرق نافذتك بلطف فتذهب لتتأملها عن قرب وتقف أمام النافذه تراقب جمال المطر فترتسم عليك الابتسامة، وتنسى همومك ولو للحظات بسيطة وستشعر بالحنين إلى كل شي، إلى طفولتك وإلى تلك السنوات التي مَضت مِن عمرك، ستحن إلى قلوب افتقدتها وأحاسيس نسيتها، ستغمض عينك وتسترجع شريط أحلامك بحب، ستنسى كل ما بقلبك مِن نقاط سوداء عندما ترى نقاء المطر تذكّر كل صفاتك الجميلة التي نسيتها بفعل.
الجو بارد وأبي قلبك يدفيني، كلمة أحبك في هذا البرد تكفيني.
في الشتاء، يتساقط المطرُ فيغسل أحقاد الصدور وسواد القلوب، في الشتاء، ترعدُ السماءُ فتذكر كل طاغٍ بقدرة الجبار، في الشتاء، يدركُ كل قاسٍ أن البرودة قاسيةٌ جداً! أعشق فصل الشتاء، لأن الثلج دائماً تشعرني بالطمأنينة فهناك رب لن يضيّعنا.
إذاً أتى الشتاء، وحرّكت رياحه ستائري، أحس يا صديقتي أني بحاجة إلى البكاء على ذراعيك، على دفاتري، إذا أتى الشتاء، وانقطعت عندلة العنادل وأصبحت، كل العصافير بلا مَنازل يبتدئ النزيف في قلبي، وفي أناملي.

متاعب الحياة والأوقات القاسية وليالي السهر الحزينة، تذكر كل ما كنت تفعله قبل أن يدخل شعور البؤس إلى قلبك، بسبب حب إنتهى أو حلم تلاشى أو صدمات اخترقت قلبك ومنها تشبّع وارتوى، تذكّر أنك كنت رائعاً وما زلت كذلك، لكنك نسيت نفسك بين متاعبك وتركتها ضحية لأحزانك، ولظلم غيرك فلا تظلم نفسك، بأن تقيدها بالحزن ألا يكفيها قهر الزمن، وظلم البشر، ما زال الثلج ينهمر.. ويشتد وقع صوت تلك الحبات على نافذتك.
أتذكر حبَّكِ الشتائي، وأتوسّل إلى الأمطار، أن تُمطِرَ في بلادٍ أخرى، وأتوسّلُ إلى الثلج أن يتساقطَ في مُدُنٍ أخرى لأنني لا أعرف كيف سأقابل الشتاء بعدك.
تنهمر الأمطار بغزارة، ارتبكت الشوارع، أقفلت المتاجر، الكل مسرعاً باحثاً عمّا يحميه من المطر، وها هم الأطفال هاربين لبيوتهم احتماءً مِن ماء المطر، غلقت الأبواب وأحكم إغلاق النوافذ.
لم يَحن الوقت بعد للفراق فما زال لدينا وقت للأخذ والعطاء، فلو امتلىء قلبي عتاباً وحزناً فلن يطغى على قلبي شوقاً وحباً، فإني أغرق بحب ما حولي كغرق العشب تحت قطرات المطر فيختفي الغبار من حولها وتغدوا ناعمة براقة كضوء الشمس وسط غيوم السماء.
أتذكر حبَّكِ الشتائي، وأتوسّل إلى الأمطار، أن تُمطِرَ في بلادٍ أخرى، وأتوسّلُ إلى الثلج أن يتساقطَ في مُدُنٍ أخرى لأنني لا أعرف كيف سأقابل الشتاء بعدك.
على نافذتك تتناثر قطرات الثلج بهدوء ورقّه وكأنها تهمس، في آذاننا بصوت خافت تفاءلوا.
Published: Oct 10, 2017
Latest Revision: Oct 10, 2017
Ourboox Unique Identifier: OB-372898
Copyright © 2017