نابليون بونابرت

مدرسة يسوع الشاب- دون بوسكو

موضوع الوظيفة: نابليون بونابرت (1769-1821)

في اطار موضوع: البحث العلمي  

تحت اشراف المعلمة المحترمة: ريتا ناصر

اسم الطالب: صخر عباس

الصف الثامن

الشعبة:”2″

تاريخ تسليم الوظيفة: 16.02.2018

الفهرس

المقدمة: ………………………………………………………….1-3

الفصل الاول: سيرة حياة نابليون……………………………………..4-6

الفصل الثاني: فرنسا في فترة حكم نابليون.…………………………..7-10

الفصل الثالث: نهايته ونهاية حكمه………………………………. 11-13

التلخيص والاستنتاج……………………………………………..14-15

المصادر والمراجع………………………………………………….. 16

المقدمة

شعرت أوربا بالخطر من مبادئ الثورة الفرنسية فأخذت تتهيأ لحربها بدعوى” الدفاع عن حق الملوك الإلهي وحق الاسرات في الحكم. وفي الوقت نفسه أيقظت مبادئ الثورة الفرنسية في الشعب الفرنسي روح الوطنية والعزة والتطلع الى المجد فأخذت الثورة بنظرية الوصول بفرنسا باعتبارها غالة القديمة، التي كانت تصل حدودها الى نهر الراين وجبال الألب وجبال البرانس وشواطئ المحيط الأطلنطي. وبذلك تجمعت لدى الطرفين الرغبة في الحرب.

ولم تلبث أن برزت الأسباب عندما قبضت الثورة على الملك لويس السادس في فارين، فسارع ملك بروسيا وامبراطور النمسا الى الاجتماع في بيلنيتز في أغسطس 1791م وأعلنا أنهما لن يترددا في استخدام كل الوسائل لقمع الثورة وتعزيز سلطة الملكية.

وفي الوقت نفسه فان الامراء الألمان في مقاطعة الألزاس الذين كانوا يتمتعون بامتيازاتهم الاقطاعية معاهدة وستفاليا رفضوا الخضوع لقرار الغاء الاقطاع الذي اتخذته الثورة الفرنسية واعتبروا هذا القرار غير مفيد لهم وانما هو مفيد فقط للأمراء الفرنسيين.

في هذه الظروف ظهرت في داخل الجمعية التشريعية أحزاب سياسية مختلفة اختلفت في آرائها وتوجهاتها فكان اليساريين واليمينيين الا أن اليسار الفرنسي المطالب بإلغاء الملكية وانشاء النظام الجمهوري سيطر على الجمعية وانقسم على نفسه الى قسمين اليعاقبة والجيروند. شكلوا حكومة وأعلنوا الحرب على النمسا 1792 وكانت الهزيمة من نصيب فرنسا ما زادهم هذا الى تطرفا فألغوا الدستور وعزلوا الملك وقاموا بإعدامه في المقصلة في 21 كانون ثاني 1793 ثم أعدموا زوجته ماري انطوانيت وهنا بدأت سيطرة اليعاقبة على المؤتمر الوطني الفرنسي فشددوا الرقابة على المواد الغذائية ووسعوا من صلاحية المحاكم الثورية فتعزز نفوذ اليعاقبة وسيطروا على الحكم واخذوا يعملوا على تعميق مبادئ الثورة ولكن سرعان ما تتالت الاحداث لتصل فرنسا الثورة الى عهد الإرهاب وحكم روبسبير الذي ترأس نظام الإرهاب ما بين عام 1793-1794 حيث اعدم كل من عارض اليعاقبة وصادر املكا واسعة وحصلت مراقبة شديدة على الصحافة والمسرح والنشاط الجماهيري وسرعان ما تشعبت اعمال الإعدام لتشمل قادة الجيروند وحتى أعضاء في حزب اليعاقبة انفسهم خاف أعضاء المؤتمر الوطني على انفسهم فقرروا التخلص من روبسبير واعدامه في أواخر تموز عام 1794 ليعلنوا عن دستور جديد 1795 يتكون من السلطة التشريعية من مجلسين مجلس الخمسمائة والثاني مجلس الشيوخ.

في الواقع بدأت الثورة الفرنسية كنضال من أجل الحرية والمساواة ومقاومة الظلم والاستبداد، ولكن سرعان ما انحرفت عن مسارها لتصل الى عهد الإرهاب والدكتاتورية حتى راحت الثورة تأكل أبناءها. ولكن على الرغم من ذلك تحولت مبادئ الثورة الى مبادئ عالمية تمسكت بها العديد من أجل التحرر من الظلم، والحصول على الحرية والمساواة.

 تعتبر الثورة الفرنسية حدثا هاما في تاريخ فرنسا وأوروبا، حقا رافق الثورة عهد من الإرهاب وتلاها عهد من الدكتاتورية العسكرية لكن مبادئ الثورة لم تمت بل بقيت حية في نفوس الشعوب وقاداتهم: حرية، مساواة، اخاء مبادئ غيرت مع مضي الوقت نظم السلطة والمجتمع في فرنسا وبلدان كثيرة أخرى.

الحرية: الشعب هو السيد والمواطن يملك مجموعة من الحريات حرية الاعتقاد حرية العبادة حرية الضمير حرية التعبير حرية التملك.

المساواة: الغت ما تمتعت به الطبقات العليا من امتيازات انهت العبودية وأقرت مبدأ المساواة امام القانون ونادت بتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص.

الاخاء: مبدأ تمخضت عنه فكرة قومية ودولة قومية حديثة فالمواطنون في الدولة يرتبطون بعضهم مع البعض الاخر بروابط معينة تجعلهم متماثلين مع الدولة، الدولة قامت من أجل توفير الحقوق لموطنيها والمواطنون يتضامنون مع دولتهم ويدافعون عنها.

 تعرضت فرنسا في عهد حكومة الإدارة الى صعوبات اقتصادية اثرت على الأوضاع الاجتماعية داخل المجتمع الفرنسي حيث برز التوتر بين الفقراء والاغنياء من جهة أخرى اشتد الصراع بين اليمين الذي طالب بعودة النظام الملكي وبين اليسار الذي دعا الى الحفاظ على النظام الجمهوري على صعد اخر واجهت فرنسا تهديدات خارجية خاصة من قبل النمسا وروسيا وانجلترا في ظل هذه الظروف الصعبة ظهر في فرنسا قائد شاب يدعى نابليون بونابرت اخذ يشق طريقة وبسرعة نحو السلطة.

نابليون بونابرت من أعظم الشخصيات التي مرت على ذاكرة التاريخ ليس الأوروبي فحسب بل على ذاكرة التاريخ البشرية جمعاء قائدا عسكريا فذا أي بداية حياته ثم قنصلا لفرنسا حتى توج نفسه امبراطورا عليها كيف استطاع هذا الشاب القادم من جزيرة متنازع عليها ان يصل الى هذا المركز؟! كان القائد العسكري القائد العسكري العظيم ولكن أكثر من ذلك بل هو الإداري الامع صاحب أكبر الإصلاحات واضع القوانين … ملك الفتوحات والانتصارات استطاع ان يعلو من شأن أوجها في فترة حكمه هذه الشخصية الفريدة ما هي اعمالها…؟ ماهي انجازاتها…؟ شخصية مثيرة للاهتمام والجدل ارتأيت ان ابحث في اعماله واصلاحاته فكان هذا البحث.

سؤال البحث:

كيف تغيرت فرنسا ثناء حكم نابليون بونابرت عنها عن باقي قواد الثورة؟

ما هي الاعمال التي قام بها نابليون بونابرت التي جعلت فرنسا تتغير وتتقدم؟ ما هو التغير الذي حل بفرنسا أثناء حكم نابليون لم يحدث في حكم غيره؟ كيف ساعد نابليون في تقدم فرنسا ورفع من شأنها وشأن الفرنسيين على حد سواء.

سوف أحاول الإجابة عن هذه الأسئلة وذلك الفصول التالية في هذه الوظيفة.

الفصل الأول: وصول نابليون بونابرت الى القمة نشأة نابليون وتدرجه في السلك العسكري، كيف استطاعت هذه الشخصية المتوسطة الحال ان تتقلد مقاليد حكم فرنسا.

الفصل الثاني: سوف نستوفي اعمال نابليون واصلاحاته أولا في المجال الإداري واصلاحاته الداخلية، ثم في المجال العسكري واعماله وبطولاته العسكرية في بعض الحروب التي شنها.

الفصل الثالث: سوف نعرض المراحل التي أدت الى نهاية حكم نابليون على فرنسا وعوامل سقوطه، كما وسنبين كيف كانت نهاية هذا الامبراطور الفذ.

الفصل الأول

سيرة حياة نابليون.

ج الفرنسيين منها بقيادة زعيمهم(باولي) ولكن فرنسا شددت قبضتها عليهم، وأمام تدفق الجنود الفرنسيين على الجزيرة لم يجد المقاومون للفاتحين بدزيرة(كورسيكا) جزيرة جبلية تابعة لإيطاليا وقد أصبحت عام 1768 جزءا من فرنسا، ولكن أهاليها لم يرضوا بسيطرة فرنسا على جزيرتهم فهبوا يقامون المحتلين، ويحاولون تحرير الجزيرة وطردا من الاستسلام، وفر باولي وأنصاره الى إيطاليا، وأذعنت الجزيرة لسادتها الجدد، وفي نفوس أهاليها غضب مكظوم.

وفي عام 1769 ولد في الجزيرة المستسلمة للحكم الفرنسي نابليون بونابرت، من أسرة كورسيكية نبيلة تنتمي الى أصول نبيلة في توسكانيا الإيطالية، وكان أبوه شارل يدعى (الكونت بونابرت)، وقد شارك مع زوجته ليتيشيا في مقاومة الفاتحين الفرنسيين، بزعامة(باولي).

برغم نبلها أسرة فقيرة، وهي مثل سائر الأسر الكورسيكية ترغب في كثرة النسل والذرية، وقد رزق شارل بونابرت وليتيشيا خمسة أولاد وثلاث بنات.

كان شارل بونابرت موظفا، ويمنحه الملك لويس بعد عشر سنوات من الخدمة راتبا لا يكاد يكفي أسرته الكبيرة، كما يمنح الملك اثنين من أبناء شارل وواحدة من بناته أماكن في مدارس النبلاء في فرنسا وبذلك يصبح نابليون الفتى طايبا في المدرسة الحربية في مدينة بريين بفرنسا، وقد وضعه قدره في بداية الطريق للمستقبل المجيد الذي ينتظره.

لم يكن الفتى الكورسيكي القصير القامة سعيدا في مدرسة بريين الحربية. وقد كان يحب كتب التاريخ والجغرافية، ويلتهم صفحاتها التهاما، وكانت له ذاكرة عجيبة تختزن عصارة ما يقرأ، وسيظل طوال حياته يتذكر ما اختزنه في ذاكرته الغنية ويستفيد منه.

لم يكن نابليون تلميذا بارعا, ولمنه كان قويا جدا في الرياضيات, وكان متفوقا في التصميم والتخطيطي العسكري, وكان تلميذا عاديا في سائر المواد الأخرى, ولم يكن ماهرا في الألعاب والرياضة, وبعد خمس سنوات من الدراسة في مدرسة بريين يفوز بشاهدة تزكية من معلم الرياضيات بأن واحد من أذكى الطلاب الذين درسهم في حياته ويسل الى مدرسة المدفعية بباريس, ليتخصص بسلاح المدفعية, شهد له مدرسوه بأنه متحفظ مجد يؤثر البحث على جميع التسليات ويصبح الفتى ملازما ثانيا وهو في السادسة عشر من عمره عام 1785م ويتقلد سيف الضابط فوق لباسه العسكري. عين الملازم الثاني نابليون بونابرت في كتيبة المدفعية(لافير) والتحق بحامية(فالانس) كانت ثقافات الفتى تزداد عمقا وكان طموحه الأكبر ما يزال مرتبطأ بجزيرته الجبلية كورسيكا والعمل على تحريره من فرنسا تمر سنوات ثلاث وهو في خدمته في الحامية ويقبل عام 1789 على فرنسا ووجد نفسه الى جانب مدفعه في ساحة الباستيل ثم يعود الى جزيرته يحك الثورة ويقود الثائرين مستفيدا من شعارات الثورة الفرنسية المطالبة بالحرية والمساواة والاخاء.

تتوتر العلاقات بين الزعيم الكورسيكي القديم (باولي) وبين بونابرت ويعزله من قيادة الحرس فيعود بونابرت الى باريس خالي الوفاض وقد سنحت الفرصة بقيام حكومة ثورية جديدة فعاد نابليون الى الجيش وحصل على ترقية الى رتبة نقيب.

كانت العلاقات في جزيرة كورسيكا بين باولي وأسرة بونابرت قد ساءت، ولم يلبث نابليون أن عاد الى الجزيرة، ليصبح من جديد قائدا لحمايتها، وأصدر مجلس الشعب في الجزيرة أمرا بأبعاد ال بونابرت وهدر دماء الاسرة كلها، ولم يجد نابليون وأسرته بدا من الفرار من الجزيرة، فوق سفينة شراعية أقلتهم الى طولون وهكذا تطرد الجزيرة ابنها وتلاحقه بوصفه فرنسيا.

وهناك استطاع الشاب بونابرت اظهار براعته وتفوقه في فنه العسكري وتخصصه المدفعي بعد أن تمكن من طرد الحامية الإنجليزية التي تحتل ميناء طولون وأصبحت هذه المدينة تحت السيطرة الفرنسية ورقي نابليون الى رتبة عميد.

في سنة 1795 اعتمدت عليه حكومة الإدارة في إخماد ثورات الملكين المعارضين للحكم الجمهوري وفي سنة 1796 عين قائد عام للقوات الفرنسية (جنرال) ومن الجدير ذكره عندما بونابرت قائد أعلى للجيش الفرني في إيطاليا أصدر أمرا بتسليم جميع الأسلحة وأرسل جنوده بالاستيلاء عليها ودخل عليه ذات يوم غلام في الثانية عشر من عمره ومعه أمه جوزفين بوهارنيه فيطلب استرداد سيف واله الذي قتل في الثورة الفرنسية فيلبي نابليون طلبه وتشكره أمه جوزفين على ذلك. هنا تعرف نابليون على الارملة التي تكبره بست سنوات واستطاعة أن تسحره بأناقتها وفتنتها، ثم صرح برغبته في الزواج منها وتم هذا بصورة عاجلة[1].

وبدأ نابليون بونابرت حروباته وخصوصا ضد النمسا واشتهر في حركته السريعة في الفتوحات فانتصر على النمسا، بروسيا وانجلترا، فسيطر على بعض الأقاليم وخصوصا في شمال ايطاليا وأقام فيها جمهوريات على غرار الجمهورية الفرنسية، واستطاع أن يزيل الخطر عن فرنسا من الدول المجاورة لها بانتصاره على الدول الخارجية.

أصبح نابليون في نظر الفرنسيين البطل الذي خلص فرنسا من أعدائها ( في البداية) أما في نظر حكومة الإدارة فكان يشكل خطرا لأنها خافت على مركزها منه وخاصة بعد انتصاره على  النمسا وتوقيع الصلح معها  دون استشارة حكومة الإدارة الأمر الذي أثار مخاوف هذه الحكومة منه فأرادت حكومة الإدارة تقليص صلاحياته فاقترحت عليه تعيين جنرال آخر إلى جانبه إلا انه رفض ذلك قائلا ” جنرال واحد غير كفؤ خير من جنرالين جديدين” في سنة 1798 طالب نابليون أن يقوم بحملة على الشرق ( مصر) ، الأسباب التي دفعت حكومة الإدارة إلى الموافقة على هذه الحملة هو التخلص من نابليون.

 بعد رجوع نابليون إلى فرنسا قام بمؤامرة وانقلاب عسكري ضد حكومة الإدارة حيث استطاع نابليون أن يأخذ موافقة مجلس الشيوخ وبعض أعضاء مجلس الخمسمائة حيث ألغى الدستور وتم اختياره من بين ثلاثة قناصل عرض نابليون دستورا جديدا على الشعب فوافق عليه وحصل على تأييد كبير (أصبح الاستفتاء الشعبي وسيلة يستغلها نابليون لتعزيز حكمه مستغلا تقدير الشعب له) ثم أعلن في عام 1802 عن استفتاء ثان عام لتعيينه قنصل لمدى الحياة وقد أيدته جماهير فرنسا في هذه الخطوة والتي كانت من إحدى خطواته نحو الانفراد بالحكم. وبعد ذلك في عام 1804 وافق الشعب في استفتاء ثالث على تتويج نابليون امبراطورا على فرنسا هكذا عادت فرنسا لتخضع من جديد لحكم فردي، في هذه المرة لحكم الامبراطور نابليون بونابرت.

[1] أرملة الكونت دي بوهارنيه الذي قطعت مقصلة الثورة رأسه.

الفصل الثاني

فرنسا في فترة حكم نابليون.

الداخلي الفرنسي وكانت ركائز ليني عليها الدولة الفرنسية من أهم هذه الإصلاحات نذكر:

المجال الإداري:

أصدر نابليون تنظيما اداريا جديدا للبلاد اعتمد على التقسيم الاداري القديم واقام محاكم ادارية في الاقاليم لتأمن حقوق المواطنين في حالة تجاوز الادارة عليه وفي مجال الامور الحالية شكّل مجلسا استشالم يكن جل اهتمام نابليون منصب على الفتوحات والعمليات العسكرية بل كانت له نظرة أخرى واهتمام أكبر في ترسيخ الحكم المحلي، اتخذ نابليون العديد من الخطوات والاعمال أصلح بواسطتها الوضع رياَ ليهتم بالشؤون المالية الى جانب كل حاكم إقليم كما ألغى كافة اشكال الحكم الذاتي وجعل نظام الحكم مركزيا. وضع رقابة مشددة على اعمال الموظفين وامرهم بتنفيذ مهامهم بكل دقة وضع سلم تدريج لجهاز الموظفين ومنح فرصة التقدم من درجة الى درجة اعلى حسب الكفاءة والقدرة واولى أهمية كبيرة لقدرة الموظف ولثقافته كانسان.

نظام الضرائب:

وضع نابليون نظاما جديدا لجهاز الضرائب، وأسس البنك الوطني الفرنسي. سعى نحو القضاء على العجز في الميزانية وأجرى موازنة بين المدخولات والنفقات مما ساعد على استقرار قيمة العملة الفرنسية.

وضع سجلا بأسماء الأشخاص المكلفين بدفع الضرائب ونظم جبايتها كما فرض الضريبة على البضائع المستوردة من الخارج هذه الخطوات التي بادر اليها نابليون أدت الى تحسين الوضع الاقتصادي في فرنسا والى تقليص معدل البطالة.

مجال التعليم:

عمل نابليون على اصدار تشريع خاص بالتعليم واهم ما ورد فيه تأكيده مجانية التعليم الابتدائي للفقراء مما يتيح فرصة لتعليم جميع ابناء الشعب الفرنسي وعمم سياسته على جميع مراحل التعليم وأنشأ عام 1808 جامعة تخضع لأشراف الدولة واسس المدرسة العليا للأساتذة (دار المعلمين) لتكوين أُطر تدريسية للمدارس الفرنسية وتشجع تدريس اللغة الفرنسية.

ادخل نابليون سلسلة إصلاحات نظم جهاز التعليم في جميع مراحله ووضعه تحت رقابة الدولة (وليس الكنيسة) انشا مدارس ابتدائية وثانوية وجامعات أشرفت الدولة على اعداد مناهج التعليم وعلى اختيار المعلمين تكفلت بتمويل جهاز التعليم من ميزانياتها كان هدف نابليون استغلال جهاز التعليم كأداة لأعداد مواطنين وضباط عسكريين وموظفين حكوميين موالين مخلصين له ولحكومته (دعم وشجع الطلاب الموهوبين).

انشا نابليون جهاز رقابة على المطبوعات وعلى المسرح أصبحت الجرائد والكتب والروايات المسرحية خاضعة لرقابة مشددة وبذلك وجه نابليون الحياة الثقافية والروحية باتجاه يتفق وصالحه في السلطة.

مجال القضاء:

كان القانون المدني الفرنسي من ابرز المنجزات التي حققها نابليون الذي صدر عام 1804 وقد جاء هذا القانون جامعاً للمبادئ القانونية الأساسية للنظام القديم والجديد وشمل مجموعة قوانين مدنية وجزائية وقد ضمن القانون جميع الحقوق التي قدمتها الثورة مثل حرية الكلام والتفكير وعلى حرية الفرد وحرية الدين وحرية الملكية والعمل والمساواة والعدالة امام القانون.

شملت هذه القوانين قضايا الأحوال الشخصية مثل الزواج والارث ومنحت الاب السلطة داخل العائلة مما منح الزوج أفضلية على الزوجة داخل العائلة على سبيل المثال منع الزوجة من التصرف بالممتلكات وبيعها. بعض هذه القوانين ما زال ساري المفعول في فرنسا حتى اليوم.

مجال العمران:

, قام نابليون بفتح طرق المواصلات واستصلاح الاراضي الزراعية وبنى الجسور وشيّد القصور فأصبحت باريس بل عموم فرنسا وجهاً جديدا اتسم بالعمران المزدهر والراقي متخلصا من الدماء والإرهاب فاهتم نابليون بتزيين باريس فأنشأ الشوارع الفسيحة وبنى الجسور فوق النهر السين وأقام النصب التذكارية كما بنى قوس النصر الشهير في وسط باريس هذا القوس الذي ما زال ساري حتى اليوم ويشهد على عظمة نابليون.

مجال الدين:

الكونكورداتو 1801وهو اتفاق بين نابليون والبابا وقد تم فيه ما يلي:

تعترف حكومة فرنسا بالمذهب الكاثوليكي بحيث يكون هذا المذهب الرئيسي لمواطني فرنسا بينما تمنح الدولة لمواطنيها الحرية الدينية. على الأساقفة أن يقسموا مباشرة يمين الولاء للقنصل الأول حينما يباشرون أعمالهم أصبح رجال الدين فب فرنسا موظفي دولة والحكومة مسؤولة عن دفع راتبهم هكذا قُلِصّت صلاحيات رجال الدين والبابا وأصبح البابا مسئول عن عملية التقديس فقط.

المجال العسكري:

أراد نابليون تحقيق أهدافه وحلمه بان تكون فرنسا إمبراطورية واسعة الأرجاء ويكون إمبراطورا عليها لتحقيق حلمه يحتاج إلى جيش عظيم يسانده، (أدرك نابليون أن الجيش انسان، له متطلباته وحاجياته ويمكن ان يمرض وبحاجة الى الباس والطعام والشراب والتشجيع الدائم والاحساس بالأمان) لكي يحقق حلمه قد بدأ نابليون بإجراء تنظيمات في الجيش لأنه جاء منه (يدرك نقاط ضعفه) أما الخطوات التي قام بها فهي كالتالي:

1-أقام مكتبا مسئولا عن ضبط أسماء الجنود وأعدادهم وضبط المعدات العسكرية وخصص معاشا شهريا لعائلات الجنود.

2-توجه نابليون لجنوده بكلام يدل على المحبة التواضع وزرع الثقة في نفوس الجنود.

3-لقد وضح نابليون لجنوده انه سيكون في المقدمة إذا كان الجيش في خطر وسيرجع إلى المؤخرة إذا كان الجيش منتصرا.

4-أقام وسام فيلق الشرق أي فتح المجال لتفوق جنوده وللترقي والتقدم والحصول على مراكز عليا.

5-شدد على غرس الانتماء لفرنسا وللثورة وشجع على التعاون في الجيش.

6-اعد الجيش بمعدات عسكرية متطورة وشجع ذو العلم في اختراع أسلحة فتاكة للجيش.

7-نصب أمام أفراد جيشه الامل بالغنى والحصول على الثروات الكبيرة.

حث الجيش لكي يُقدموا على القتال وحث جنوده على القتال والاستبسال في المعارك من اجل الحصول على أخصب سهول أوروبا فبهذا يتمكنون من حل ضائقتهم الاقتصادية. من هذه الحوافز:

” سأقودكم الى اقصى أراضي العالم حيث المجد والثروة والكرامة. سأقودكم الى أخصب أراضي العالم وستسقط بين أيديكم المناطق الغنية والمدن الكبيرة”.

انتصاركم يعني الرفع من مجد فرنسا وحل الأزمة الاقتصادية، (إذا تعرض أحدكم للخطر سأكون أولكم في المقدمة.) رفع من مستوى الجيش والتغلب على الجوع والعراء وبإمكان كل جندي أن يترقى إلى رتبة جنرال وفتح المجال أمام جنوده للتقدم والرقي إلى أعلى الرتب العسكرية مثل: ضابط جنرال مارشال … الخ، كما قسم جيشه إلى أقسام ومنه فيلق الشرق الذي أُنشئ لفتح المجال أمام كل جندي بالانتساب إلى هذا الفيلق إذا ثبتت جدارته.

ان هذه الاعمال والإصلاحات التي قام بها ساعدته لا بل دفعته الى تحقيق انتصاراته العظيمة ومكنته من استيلائه على مناطق واسعة في وسط أوروبا وشرقها, فقد خاض نابليون وجيشه معارك كثيرة وهامة كانت له فيها الغلبة الساحقة ومكنته من توسيع نفوذه نقف عند بعض هذه المعارك ونذكر منها عندما عين نابليون قائدا للقوات الفرنسية المتجهة نحو إيطاليا عام 1796 استطاع أن يثير حماس جنوده ويحقق عدة اتصارات على الجيش النمساوي الذي كان مرابطا في شمال إيطاليا كما واحتل البندقية وأماكن أخرى بفعل هذه الانتصارات أذعنت النمسا للصلح[1] وأقرت بالسيطرة الفرنسية على وسط أوروبا, وبهذا تم ضم الضفة الغربية من نهر الراين الى فرنسا.

حقق نابليون انتصارات عسكرية سريعة على النمسا وروسيا، كان أبرزها الانتصار في معركة أوسترلتز عام 1805 انتصر على بروسيا ودخل عاصمتها برلين. كما وتقدم نحو بولندا وضمها اليه بعد أن كانت مقسمة بين النمسا وروسيا وبروسيا، وهكذا أحكم سيطرته على غرب أوروبا ووسطها.

[1] صلح كامبوفورميو عام 1797

الفصل الثالث

ابليون بونابرت نهايته ونهاية حكمخ

نجح نابليون في بداية حكمه في توقيع معاهدات صلح مع بعض الدول الأوروبية التي حاربت فرنسا ومن اهم هذه المعاهدات تلك التي وقعها مع النمسا,” صلح لونفيل”, والذب أكد سيطرت فرنسا على وسط أوروبا كما وعقد صلح مع إنجلترا” صلح آميان” والذي انهى الحرب بين الدولتين بفترة وجيزة حصلت بموجبه فرنسا على جزيرة البا وتعهدت إنجلترا بأخلاء مالطة ومصر, ولكن رغم توقيع هذه المعاهدات رأت الكثير من الدول الأوروبية ذات الأنظمة الملكية ان فرنسا تشكل تهديدا خطيرا على بقائها وذلك لان نابليون سعى الى تعزيز قوة فرنسا العسكرية وسيطرته على مناطق أخرى ناشرا بذلك مبادئ الثورة الفرنسية الداعية الى اسقاط الاحكام الملكية.

قد نرى أن سقوط نابليون مر بعدة مراحل:

ابتدأ بفرض حصار بحري على إنجلترا عام 1806م فحين أدرك نابليون أن الاسطول الفرنسي غير مؤهل لمواجهة الاسطول الإنجليزي وجها لوجه وذلك بعد هزيمة الاسطول الفرنسي امام الاسطول الإنجليزي بقيادة نيلسون في معركة طرف الاغر البحرية عند سواحل اسبانيا( أثبتت هذه المعركة ان إنجلترا هي سيدة البحار بأسطولها الذي لا يمكن التفوق عليه) اختار نابليون بدلا من مواجهة هذا الاسطول فرض حصار بحري على إنجلترا [1] وبموجبه تقفل موانئ أوروبا في وجه السفن والبضائع الإنجليزية أجبر نابليون الدول الأوروبية كالنمسا وبروسيا وروسيا بالالتزام بهذا الحصار وبمقاطعة إنجلترا. تعرضت إنجلترا نتيجة هذا الحصار لأزمة اقتصادية خانقة الى انها فرضت بدورها” إنجلترا” حصارا على السواحل الأوروبية فمنعت الدول الأوروبية من الاتجار فيما وراء البحار ولحقت أضرار اقتصادية خانقة بالدول الأوروبية وضجت شعوبها فراحت هذه الدول تبحث عن طرق للتخلص من قيود الحصار القاري ففتحت مجالات لتهريب البضائع الإنجليزية وازدادت الفجوة والبعد بين الفرنسيين وشعوب أوروبا الذين ملوا الحصار القاري.

شن الحرب على روسيا 1812-1813 فرغم الصلح الذي وقعه مع قيصر روسيا الى أن التوتر عاد ليشوب العلاقة بين البلدين فها هي روسيا تنسحب من الحصار البحري الذي فرض على إنجلترا وتفرض الضرائب على البضائع الفرنسية وتستعد لغزو بولندا! فيبدأ نابليون حملته على روسيا في صيف 1812 ضم جيشه حوالي مئة الف جندي بالرغم من الانتصارات الساحقة التي حققها نابليون في بداية هذه الحملة فنرى ان الجيش الروسي انسحب الى داخل الأراضي الروسية واتلف خلفه كل ما يمكن ان يستفيد منه الجيش الفرنسي كالمحاصيل الزراعية والطعام والمباني وأي شيء يمكن الاستفادة منه, ان هذه السياسة عرفت باسم” سياسة الأرض المحروقة فما ان وصل نابليون الى موسكو حتى كان يعاني الأمريين من نقص في العتاد والأسلحة والمؤن وكان بعيد كل البعد عن مراكز التموين كما انه انضم الى الجيش الوسي عدو قاس جبار لم يستطع نابليون وجنوده الوقوف في وجهه وهو” فصل الشتاء القارص بثلوجه الكثيفة ودرجة حرارته المتدنية” فتخلى نابليون عن حصار موسكو وانسحب غربا يرافقه البرد والجوع وهجمات الجيش والشعب الروسي فترك نابليون بقايا جيشه يعاني الذي لم يسلم منه ثلاثون الف جندي عائدا الى باريس يجر خيبات الامل.

دعمت الشعوب الأوروبية نابليون في بداية حملته فقد وجدوا فيه المخلص حامل مبادئ الثورة الفرنسية الذي جاء ليحررهم من أنظمة الاستبداد والتسلط، عمل نابليون على كسب ثقة هذه الشعوب حين أعلن لهم أنه المحرر والمخلص لم يأتي ليغير دين أو عقيدو أو عادة بل جاء ليمنح الحرية والخلاص. لم يمضي وقت طويل حتى تغير الوضع وانقلبت هذه الشعوب من مؤيد الى مواجه للاحتلال الفرنسي ومقاومته وذلك لأن سياسة نابليون شكلت أعباء لا تطاق على الشعوب المحتلة فها هو يفرض التجنيد الاجباري على شباب هذه الدول لينضموا للجيش الفرنسي في حروباته وفتوحاته، كما وفرض على السكان الضرائب التي أثقلت كاهله وزادت من الوضع الاقتصادي سوءا. طبق نابليون في الدول التي احتلها القانون الفرنسي والذي كثيرا ما تعارض مع واقع هذه الشعوب وعاداتها أما الذي أثار سخط الشعوب الأوروبية هي تصرفات الجنود الفرنسيين الغير أخلاقية الذين كثيرا ما أقدموا على أعمال السلب والنهب ومضايقة السكان المحليين مما دفع هذه الشعوب الى مقاومتهم والمطالبة بالاستقلال فنشبت التمردات ضد نابليون (أبرزها التمرد الذي نشب في اسبانيا عام1808) لم يقدر نابليون قوة الشعوب تقديرا سليما، فبفضل انتشار مبادئ الثورة الفرنسية بين شعوب أوروبا ازداد الشعور القومي بينها, في وقت فرض نابليون على كل من هذه الشعوب حكاكما من أقربائه ومقربيه, لهذا اصبح نابليون يحارب شعوبا تتبع أسلوب حرب العصابات وفرق محاربين صغيرة تناضل من أجل الحرية وتحرير البلاد, وقد كان سابقا يحارب جيشا منظما تدعمه الحكومات.

ان فشل حملة نابليون على روسيا، ورفع الشعوب الاوربية راية العصيان ضده أدت الى قطع بعض الحكام لعلاقاتهم معه بل وشكلوا تحالفا دوليا ضده ضم كل من روسيا، النمسا، بروسيا وانجلترا وغيرها من الدول. في البداية دعمت إنجلترا الثوار الاسبان (الحدود الجنوبية لفرنسا) وساعدتهم في تمردهم ضد الجيش الفرنسي بل وطردهم من اسبانيا وهكذا استطاعت إنجلترا التقدم الى الداخل الفرنسي، اشتبكت قوات التحالف الدولي (تترأسها إنجلترا) مع نابليون في معركة كبيرة عرفت باسم “معركة الأمم” كانت هذه المعركة حاسمة وقوية هزم نابليون في اعقابها وانسحب ليصل الى باريس ويحتمي بها الى ان قوات التحالف واصلت تقدمها في الداخل وواصلت هي أيضا الى باريس العاصمة في اذار 1814 اضطر نابليون بونابرت الى الاستسلام وتنازله عن حكم فرنسا.

هي بداية النهاية نابليون يواجه سقوطه وينتظر النكبة وقد تملكه اليأس بعد الهزيمة في معركة ليبزيغ وأعداؤه المتحالفون يجتمعون في فرنكفورت ليقرروا مصيره.

يقول لهم نابليون:” أنا وحدي الذي أنوب عن الشعب … أنا الدولة! ولان فرنسا مدينة لي بعظمتها!”.

” ان عندي خمسين الفا أضاف ان اليها انا فتكون مائة وخمسين ألفا!!”. وقدره الآن يرسمه له اعدائه المتحالفون.

 وتقدم الى الامبراطور وثيقة التنازل التي عدت في باريس ليوقعها، وبموجبها يحصل الامبراطور على جزيرة البا وعلى دخل سنوي يبلغ المليونين وبأربعمائة من الحرس لحمايته, أمضى نابليون في الجزيرة عشرة أشهر كانت فرنسا خلالها قد أعادت أسرة البوربون الى حكمها وتولى عرشها لويس الثامن عشر( أخو لويس السادس عشر التي أعدمته مقصلة الثورة الفرنسية كانت الحالة في فرنسا من سيء الى أسوء فعاد التمييز بين الطبقات الى سابق عهده, وأعفي النبلاء من تأدية الخدمة العسكرية وعادوا ليستردوا الأراضي وينتقموا من الفلاحين وها هم رجال الكنيسة يستعيدون سطوتهم وسيطرتهم

ان خيبة امل الفرنسيين في غيبة امبراطورهم المنفي تتزايد يوم بعد يوم ونابليون يتلقى هذه الانباء فتحرك آماله ويرحل الامبراطور في السادس والعشرين من شباط 1815 مغادرا جزيرة ألبا ومعه قرابة ألف من المحاربين على ظهر سبع سفن. وهكذا يعود الامبراطور الى بلاده فجأة من دون أن يتوقع أحد عودته اليها فقد كان لفرنسا أن تحتسل مزيدا من الآلام من جراء عودة الامبراطور المنفي اليها.  وعند مدينة” كان” يترجل الامبراطور ويصيح بالجيش الملكي:” يا جنود الفيلق الخامس اما تعرفونني فاذا كان بينكم من يريد قتل الامبراطور فليفعل”. وينضم الجيش الملكي الى جيش الامبراطور المرافق فيغذو لديه سبعة آلاف محارب. وهكذا يدخل الامبراطور قصر التويلري من غير أن تطلق رصاصة واحدة ويهرب الملك البوروني الى إنجلترا ويجتمع ممثلو الدول الأوروبية في مؤتمر ويتخذوا قرارا في العشرين من آذار 1815 بإهدار دمه واعتباره عدوا للسلام العالمي

تجدد التحالف ضده والتقت قوات التحالف مع نابليون وجنوده في واترلو عام 1815 حيث وقعت بين الطرفين معركة واترلو الشهيرة استبسل فيها الجيش الإنجليزي وواجه هجمات نابليون بمدفعيته ومشاته لينضم اليه الجيش البروسي، فلم يطق الفرنسيون الصمود أمام التفوق العددي الكاسح ورأى نابليون جيشه يهرب لأول مرة من ميدان القتال، فلم يجد بدا من الانسحاب يائسا، والعودة الى باريس بائسا مهزوما. طالب المجلس الوطني نابليون بالتنازل ويستجيب لهذا الطلب في 23 حزيران 1815، بعد مائة يوم من حكمه، وينهي بذلك حياته السياسية. يحاول نابليون الهرب الى أمريكا لكن الميناء يحاصر من قبل القوات الإنجليزية يفكر نابليون في طلب اللجوء السياسي الى إنجلترا ولكن تصل تعليمات الحكومة الإنجليزية بألا تتاح للجنرال نابليون الفرصة والوسيلة لتعكير السلام مرة أخرى.  يقاد نابليون بونابرت الى جزيرة سانت هيلانة في جنوب المحيط الأطلسي وهي صخرة بركانية تقع في محيط على بعد الفي ميل من أوروبا وألفي ميل من افريقيا يقطنها الفيين من الناس ثلثهم من العبيد الزنوج مناخ قاتل يتسم بالرطوبة تمكن نابليون من الصمود مدة ست سنوات على الرغم من الامه ومرضه ووجعه وفي الخامس من أيار عام 1821 يلفظ الرجل العظيم أنفاسه الأخيرة.

[1] الحصار القاري.

التلخيص والاستنتاج

 كان نابليون بونابرت واحدا من أعظم القواد العسكريين الذين عرفهم العالم وقد استطاع بعبقرتيه الحربية أن يقود أكبر الجيوش في عصره وينتصر في معاركه المائة على أوربة الغربية كلها، حتى بلغ الأوج وجعل العلم الفرنسي مثلث الألوان يخفق منتصرا في عواصم الدول الأوروبية، ولولا تفوق إنكلترة البحري وعبقرية أميراها نلسون وحنكته لانتصر عليها أيضا وعندما بلغ القمة بجده وتبريزه وعصاميته وانتصاراته توج نفسه امبراطورا على فرنسة وجعل من أخوته ملوكا على عروش أوربة القارة التي كان يحلم بتوحيدها تحت صولجانه وأجنحة نسره الامبراطوري المحلق في سماء المجد والنصر.

لقد أحسن نابليون بونابرت في استعمال سلطاته الكبيرة، وظهرت مواهبه الإدارية في إصلاحاته الكثيرة التي نجح في اجرائها ولا يزال كثير من اصلاحاته باقيا الى اليوم وفي ذلك شهادة من التاريخ بأن القائد العبقري في الحرب كان رجل دولة وإدارة ونظام في السلم لا مثيل له أيضا.

لم تكن سياسة نابليون الداخلية في الإصلاح مجرد رغية شخصية أراد منها دفع فرنسا الى الأمام بعد ان أنهكتها أحداث الثورة وانما قامت تلك السياسة على أُسس ومبادئ آمن بها نابليون فأصبحت الفلسفة الجديدة للدولة التي نجح نابليون في تطبيقها ويعود هذا النجاح الى تعامل القائد الجديد مع الواقع الفرنسي فهو لم يستورد نظريات وفلسفات من خارج بلادهم وانما درس المجتمع الفرنسي دراسة مستفيضه وخرج منها بمبادئ الفلسفة الجديدة.

لقد وجد نابليون ان عليه ان يوحد الأمة الفرنسية ويرص الصفوف بعد ان أعطاها حقها بالسيادة التامة على أراضيها ولكي يحقق هذا الهدف كان عليه ان يعالج الخلل الذي وقع في البنية الاجتماعية الفرنسية حيث انهار التراث الأخلاقي والاجتماعي والديني وانقسم المجتمع إلى طوائف وأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ومن أشد الناس تطرفا بالدين إلى أكثرهم ألحادا.

اعتقد نابليون ان المجتمع الصحيح يقوم على ثلاث اسس وهي: –

1) الدين لأنه سر النظام الاجتماعي

2) التعليم لأنه يمكنه من توجيه الشعب بالشكل الذي يريده

3) مناصرة اهل العلم وجعلهم جزءاً من الحكومة.

ان السؤال الذي تم طرحه في بداية الوظيفة كان:

 كيف تغيرت فرنسا أثناء حكم نابليون بونابرت عنها عن باقي حكام الثورة؟

لقد كان الجواب واضحا جليا وذلك بسبب اعمال نابليون واصلاحاته التي اهتمت في البداية بالداخل الفرنسي فنراه سعى الى اصلاح الاعوجاج في المجال الإداري فنراه يلغي الحكم الذاتي وجعل الحكم مركزي ووضع رقابة على موظفيه كما وضع نظاما جديدا للضرائب وأسس البنك المركزي الفرنسي وكانت له البصمة الازلية في القانون المدني الفرنسي كقوانين الأحوال الشخصية التي مازالت سارية حتى اليوم وما زال العمران والصروح التي امر ببنائها شاهدة له في هذا القرن.

لم يحاول نابليون ضرب مبادئ الثورة وتقاليدها عرض الحائط وانما حاول التوفيق بين القديم والجديد ليوحد فرنسا

ان نابليون قد لاحظ اهمية الدين كقوة جبارة بين العامة من الناس وخصوصا البسطاء منهم لهذا قرر التقرب من الكنيسة ليكسب الغالبية الكاثوليكية في فرنسا.

اما عن فلسفة نابليون في نظام التعليم فقد كان لا يؤمن بأن يترك أمر تعليم الشعب لرحمة الجهود والاعمال الضرورية والاوقاف العامة لقد ان يرى ان هذه المدراس الخارجية ينبغي ان تخضع لأشراف الحكومة. ان نظرة نابليون للتعليم تنبع من نظريته للحياة فما دامت الحياة أمر جدي وخطير فعلى الشباب ان يتعلموا واجباتهم تجاه الدولة وكل هذا وذاك لا يمكن تحقيقه الا بالعلم فهو السبيل الى تطبيق فلسفة نابليون في الدين والتعليم والاصلاح القضائي والاداري والسياسي.

كان نابليون دكتاتوريا بالمجالات التي تخدم فئة قليلة من الشعب مثل الصحافة فقد عليها رقابة صارمة أما المجالات التي تخدم فئة كبيرة من الشعب مثل التعليم فكان ديموقراطيا فيها أن جعل التعليم مجاني وتابع للحكومة.

إذا سعى نابليون الى تعزيز الجبهة الداخلية واوجد للفرنسيين المياه الاقتصادية والاجتماعية المستقرة تمهيدا للفتح والتوسيع، كانت له الطموحات الكبيرة في جعل فرنسا امبراطورية تخضع لها معظم دول أوروبا فسعى وراء الفتوحات والغزوات مستغلا طاعة الجيش العمياء له وكذلك استغل حنكته ودهائه السياسي فنراه يسيطر على إيطاليا ثم يتوسع نحو النمسا وبروسيا وحتى انه حاول ان يحتل موسكو. حقق انتصارات ساحقة امام جيوش دول أوروبا الا انها حينما اتحدت وتحالفت ضده استطاعت هزيمة في النهاية.

حيث الثورة الفرنسية عامة ونابليون خاصة الشعور القوي لدى الشعوب الأوروبية ورفضت هذه الشعوب ان يحكمها ظالم ومستبد وظهرت الوحدة الإيطالية والألمانية وغيرها…

لقد أملى نابليون بونابرت، الأسير في سانت هيلانة، مذكراته على بعض مرافقيه محللا أخطاءه الماضية معترفا بها ومحملا نفسه المسؤولية وتبعة أعماله:” ليس مسؤولا عن نكبتي سواي، فقد كنت وحدي ألد عدوا لنفسي، والمسبب لمصيري”. ورغم اعتداده الشديد بكرامته توجه لشعبه قائلا:” ان كان الشعب الفرنسي ينتظر من منفعة فيجب أن يغضي عن بعض نقاط ضعفي، ونقطة الضعف الكبرى عندي أنني لا احتمل الإهانة!”.

وبعد تسعة عشر سنة من وفاته ودفنه في تلك الجزيرة الصغيرة تسترد فرنسا رفات الامبراطور العظيم، وتقيم له في باريس قبرا فخما تحج الى زياراته قوافل الناس من جميع البلدان لتقف بخشوع أمام ذكرى بطل من أعظم الابطال المبرزين، خلف لفرنسا مجدا حربيا خالدا على الأيام، بشر بالوحدة الأوروبية ورابطة الشعوب في القارة الأوروبية كلها.

المصادر والمراجع

1. عبد العظيم رمضان، تاريخ أوروبا والعالم الحديث، الجزء الأول، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1997.
2. الموسوعة العربية العالمية، مجلد 25، الطبعة الثانية.
3. الياس طنوس الحويك، تاريخ نابليون الأول، الجزء الثالث، مكتبة زيدان لعمومية.
4. نابليون بونابرت، دار الشرف العربي, 1769-1861م.
5. د. سعيد برغوثي، التاريخ الحديث للصف الثامن،