by mohamed
Copyright © 2020
هرتسل
ولد تيودور (بنيامين زئيف) هرتصل مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة في بودابست في العام 1860, وتلقى تعليمه بروح حركة التنوير اليهودية الألمانية حيث بلور موقفه الإيجابي من الثقافة العلمانية. في العام 1878 انتقلت عائلة هرتصل إلى فيينا. وفي العام 1884 حصل على درجة الدكتوراة في مجال القانون من جامعة فيينا. وأصبح هرتصل في ذلك الحين كاتبا روائيا وكاتبا مسرحيا وصحافيا حيث عمل مراسلا في باريس للصحيفة الليبرالية البارزة انذاك”Neue Freie
خلال تلقيه الدراسة في جامعة فيينا عام 1882 وقف هرتصل لأول مرة عن كثب على ظاهرة اللا- سامية الأمر الذي انعكس كثيرا على سيرة حياته وعلى مصير اليهود في القرن العشرين. وفي وقت لاحق خلال فترة إقامته في باريس تعرض هرتصل شخصيا لظاهرة معاداة السامية. وكان هرتصل في ذلك الوقت يعتبر المشكلة اليهودية قضية اجتماعية. وفي العام 1894 انتهى من كتابة مسرحية تحمل اسم : الغيتو ( حي اليهود) والتي عبر من خلالها رفضه لفكرة اندماج اليهود في الشعوب الأخرى أو اعتناقهم لديانات جديدة حلأ للقضية اليهودية. هرتصل كان يأمل في أن تؤدي مسرحية “غيتو” إلى إثارة نقاش مفتوح وبالتالي إلى حل يعتمد على التسامح والاحترام المتبادلين بين المسيحيين واليهود.

في العام 1894 وجه القضاء الفرنسي بصورة ليس لها ما يبررها تهمة الخيانة إلى النقيب ألفريد دريفوس (Alfred Dreyfus) الضابط اليهودي في الجيش الفرنسي, وذلك على خلفية أجواء اللا- سامية التي كانت سائدة في تلك الفترة. هرتصل الذي شاهد الجماهير في تلك الفترة وهم يصرخون: “الموت لليهود” استنتج أن الحل الوحيد او الطريقة الوحيدة لمواجهة الحملة اللا- سامية تتمثل بهجرة ضخمة لليهود إلى أرض يمكن لهم أن يعتبروها ملكا لهم. وهكذا أصبحت قضية دريفوس أحد العوامل الحاسمة في نشوء الصهيونية السياسية.
هرتصل استنتج أن معادة السامية عامل ثابت في المجتمع الإنساني لا يمكن لفكرة اندماج (اليهود) أن تحله. على هذا الأساس كان هرتصل يدرس فكرة السيادة اليهودية, وعلى الرغم من تعرضه لسخرية بعض القادة اليهود, نشر في العام 1896 الكتيب الذي يحمل العنوان “Der Judenstaat” , “دولة اليهود”. هرتصل شدد على أن جوهر القضية اليهودية ليس فرديا وإنما قوميآ وصرح بأن الطريقة الوحيدة التي تمكّن اليهود من الحصول على القبول الدولي تتمثل في عدم استمرار كونهم ظاهرة قومية استثنائية. وقال إن اليهود شعب واحد يمكن تحويل مآزقه الى قوة إيجابية وذلك من خلال إقامة دولة يهودية بموافقة القوى العظمى. هرتصل كان ينظر الى القضية اليهودية كقضية سياسية دولية يجب التعامل معها في سياق السياسة الدولية.وفي العام ذاته أسّس هرتصل المجلة الأسبوعية الصهيونية Die Velt
وبدأ نشاطاته من أجل الحصول على وثيقة رسمية تسمح بتوطين اليهود في أرض إسرائيل.
وقدم هرتصل خطة عملية لجمع الأموال من اليهود في أنحاء العالم وذلك بواسطة منظمة تعمل من أجل تحقيق هذا الغرض ( وهذه المنظمة عندما تم تأسيسها سميت المنظمة الصهيونية). وتصور هرتصل الدولة اليهودية العتيدة كدولة اجتماعية نموذجية مستندًا في أفكاره إلى النموذج الأوروبي الذي كان سائدا في تلك الفترة والذي كان أساسه مجتمعا متنورا معاصرأ. مثل هذه الدولة ستكون محايدة ومحبة للسلام وعلمانية.
إن الأفكار التي عرضها هرتصل لاقت حماس الجماهير اليهودية في أوروبا الشرقية, رغم أن القادة اليهود كانوا أقل تحمسا إزاء تلك الأفكار.
ومع ذلك نظم هرتصل وترأس المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية بين 29 و-31 أغسطس آب 1897 والذي شكل أول اجتماع دولي لليهود ينعقد على أساس وطني وعلماني. وخلال المؤتمر تبنى الممثلون اليهود “خطة بازل” التي حددت أهداف الحركة الصهيونية. كما أعلن الممثلون في المؤتمر أن الصهيونية تستهدف إقامة وطن للشعب اليهودي في فلسطين على أساس القانون العام. وتم خلال المؤتمر تأسيس المنظمة الصهيونية ذراعا سياسيا للشعب اليهودي, وتم انتخاب هرتصل اول رئيس له.


Published: Dec 25, 2020
Latest Revision: Dec 25, 2020
Ourboox Unique Identifier: OB-978363
Copyright © 2020