

ماذا تشمل السيرة النبويّة؟
-حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم منذ ولادته في مكّة المكرّمة حتّى وفاته في المدينة المنوّرة. واستغرقت حياته 63 عامًا، منها 53 عامًا في مكة المكرّمة، 40 قبل البعثة و13 بعدها، و10 سنوات بعد الهجرة في المدينة المنوّرة.
-الأحداث التي وقعت فيها “من الولادة، والنشأة، والشباب، والبعثة، والأحداث في مكّة، والأحداث في المدينة حتى الوفاة”.
-كل ما يتّصل بها من حالة العرب قبل الإسلام، ودراسة الشمائل – الصفات الخلقية – والخصائص والمعجزات وغيرها.
أهمية السيرة النبوية ومكانتها: اهمية السيرة
للسيرة النبوية أهمية عظيمة لفهم الإسلام الفهم الصحيح، ويتضح ذلك فيما يلي:
¢ معرفة النبي صلّى الله عليه وسلّم وتعميق الإيمان به وفهم شخصيته صلّى الله عليه وسلّم.
¢ تعظيم محبته صلّى الله عليه وسلّم.
¢ تيسير الاقتداء به صلّى الله عليه وسلّم.وتجعله مثلاً أعلى وقدوة حسنة للإنسانية كلها.
¢تعتبر دراسة السيرة عبادة.
¢ معرفة جيل الصحابة ومعرفة قدرهم.
¢ تطبيق عملي للأحكام الإسلامية.
¢ الإعانة على فهم القرآن الكريم وتذوقه.
¢ تعليم لفقه الدعوة وبيان مراحلها.
¢ فهم حقيقة وطبيعة هذا الدين.
¢ تجلية الحقائق وتعرية الشبهات.
¢ معرفة طبيعة الجاهلية والكفر في معاداته للحق وأهله
¢ إن دراستها سبيل لإدراك بداية التاريخ الإسلامي وحضارة أمته.
¢ يتكون لدى دارسها كمٌّ هائل من الثقافة الإسلامية في شتى مجالاتها؛ كالعقيدة، والفقه، والتهذيب.
مميّزات السيرة النبويّة
v صحيحة:
فهي أصحّ سيرة لتاريخ نبيّ مرسل، فقد وصلت إلينا عبر أصحّ الطرق دقّة وضبطًا ووضوحًا، بما لا يترك مجالًا للشكّ في وقائعها البارزة، وأحداثها الكبرى.
v واضحة:
في جميع مراحلها منذ زواج أبيه عبد الله بأمّه آمنة وحتّى وفاته صلى الله عليه وسلم، ممّا يجعل سيرته واضحة وضوح الشمس.
vواقعيّة:
-تحكي سيرة إنسان أكرمه الله بالرسالة فلم تخرجه عن إنسانيتّه، ولم تلحق حياته بالأساطير، ولم تُضْفِ عليه الألوهيّة، ولهذا ظلّت سيرته المثل النموذجيّ للإنسان الكامل، وهي القدوة لكلّ من أراد أن يعيش سعيدًا كريمًا في نفسه وأسرته ومرضيًا لربّه عز وجل.
-تعطي الدليل الذي لا ريب فيه عن صدق نبوّته ورسالته لأنّها سيرة إنسان سار بدعوته من نصر إلى نصر، ودعا الناس إلى ربّه في تأدّب وخشية وشفقة ورأفة ورحمة حتّى أتاه اليقين.
vشاملة:
-لكلّ النواحي الإنسانيّة، كأب، وزوج، وقائد، وصديق، ومربّ، وداعية، وسياسيّ، وقبل كلّ ذلك نبيّ ورسول صلّى الله عليه وسلم.
مستوفية لكلّ الجزئيّات والكليّات التي تحويها السيرة بأدقّ العبارات وأشمل الأوصاف لحياته صلّى الله عليه وسلم
أهمّ مصادر السيرة النبويّة
أوّلًا: القرآن الكريم:
1-ضمّ القرآن الكريم جزءًا كبيرًا من أخبارها الصحيحة التي لا يتطرق إليها الشكّ أو الظنّ.
2-وفّر القرآن الكريم قدرًا عظيمًا من الأخبار الصحيحة للسيرة وصاحبها عليه الصلاة والسلام.
3-يعدّ القرآن الكريم في مقدّمة مصادر السيرة في كلّ ما يتعلّق بتدوينها، وروايتها، وحفظها، لأنّ القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على نبيهّ لفظًا بطريق الوحي ولا يأتيه الباطل.
4-وعد الله تعالى بحفظ القرآن فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
أمثلة:
1- تحدّث القرآن عن يُتْمِه في قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى:6-7] .
2- وتحدّث عن بدء نزول الوحي عليه في قوله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]
3- وتحدّث عن حاله صلّى الله عليه وسلم عند تلقّيه الوحي، كما في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة:16-17] .
4- وتحدّث عن بشريّته في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [فصلت: 6] . وقوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا رَّسُولاً} [الإسراء:94] .
5- وتحدّث عن غزواته فيما يقارب (280) آية، جاء بعضها صريحًا كالغزوات الكبرى، بدر، وأحد، والخندق، والحديبية، وخيبر، وفتح مكّة العظيم، كما شمل هذا التصريح بعض قضايا الجهاد، ومواجهة الخصوم والأعداء.
6- خصّص القرآن الكريم قدرًا وافيًا للحديث عن أساليب دعوته للناس كما في قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125] . وقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:94-95].
ثانيًا: كتب الحديث الشريف:
شغلت السيرة النبويّة حيّزًا كبيرًا من كتب الحديث الشريف، وكلّ من ألّف في الحديث لم تخل كتبه من ذكر ما يتعلّق بحياة النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وبعثته، ودعوته، وجهاده وهجرته، ومغازيه، بل حتّى عن صحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
تأتي أهميّة كتب الحديث في دراسة السيرة النبويّة المطهّرة لأنّها توضّح العقائد، والآداب الإسلاميّة، وكثيرًا من الأحكام التعبّديّة، والتشريعيّة، والأخلاقيّة.
الكثير من كتب الحديث خصّصت أقسامًا وأبوابًا وكتبًا لجهاده، ومغازيه، وجوانب كثيرة من سيرته وحياته صلى الله عليه وسلم ، وليس ثمّة كتاب في الحديث إلاّ وقد خصّص بابًا أو كتابًا، أو ضمن الأبواب المختلفة مادّة عن السيرة النبويّة وحوادثها المختلفة، غير أنّها غير مرتّبة حسب التتابع الزمنيّ للأحداث.
اعتنت كتب الحديث بجمع أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وتقريراته، وأحكامه، وقضاياه، وأفردت في الوقت نفسه أبوابًا لمولده، وبعثته، وهجرته، ومغازيه. مقصد مؤلّفي هذه الكتب كان منصَبًّا على قضيّة الأحكام الفقهيّة.
-
ملاحظة:
تجب الإشارة إلى قضيّة مهمّة، وهي أنّ كتب الحديث بحكم عدم تخصّصها، لا تورد التفاصيل، عن مولده، ونشأته، وبعثته، وهجرته، وغزواته، وجهاده، وبقيّة أخبار حياته بل كانت تقتصر على بعض تلك الأخبار وفق منهج أهل الحديث في الرواية. لكنّنا نستطيع ومن خلالها أن نكوِّن فكرة شاملة، وإن كانت غير متكاملة أحيانًا عن سيرته صلى الله عليه وسلم، لأنّها رويت بالسند المتّصل إلى صحابته رضوان الله عليهم، وهم أكمل وأصدق أجيال هذا التاريخ العظيم عن حياته وسيرته صلّى الله عليه وسلم.
ثالثًا: كتب الشمائل المحمديّة
وهي الكتب التي قصد أصحابها العناية بذكر أخلاقه، وعاداته وفضائله، وسلوكه القويم في الليل والنهار، كما تناولت آداب النبيّ صلى الله عليه وسلم وصفاته الخَلْقيّة والخُلُقيّة. فهي وسيلةٌ إلى امتلاء القلب بتعظيمه ومحبّته صلى الله عليه وسلم، وذلك سبب لاتباع هديه وسنّته، ووسيلةٌ إلى تعظيم الشريعة واحترامها لأنها وسيلة إلى العمل بها والوقوف عند حدودها، والعمل بها وسيلة إلى السعادة الأبديّة، والفوز برضا رب العالمين.
من كتب الشمائل كتاب: «الشمائل المحمّدية لمحمّد بن عيسى الترمذيّ»:
هذا الكتاب يعد مصدرًا مهمًّا من المصادر الكثيرة التي احتفظت لنا بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قسَّم المصنف الكتاب إلى (56) بابًا، وجعل لكل باب عنوانًا يتضمن إشارة مختصرة إلى ما تشتمل عليه أحاديث الباب، وقد عقَّب على بعض النصوص التي أوردها بالشرح والبيان والإيضاح تارة، وبالكلام على الأسانيد تارة أخرى؛ تصحيحًا وتضعيفًا، وترجيحًا لوجه على وجه، أو بيانًا لاسم راو ورد في السند مبهمًا ونحو ذلك، وتارة ثالثة يجمع بين الشرح والكلام على الأسانيد، وقد اشتمل الكتاب على (415) نصًّا مسندًا، وهي تتنوع بين أحاديث مرفوعة قولية وفعلية، وآثار موقوفة على الصحابة والتابعين.
رابعًا: كتب الدلائل النبويّة (المعجزات المحمديّة)
يُعرِّف العلماء الدلائل النبويّة بأنّها الحجج البالغة القاطعة، والبراهين الواضحة الساطعة، الدالّة على صدق وصحّة نبوّة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلم، وعلى شمول وعموم رسالته، بدلالات واضحة لا جدل فيها.
تنقسم الدلائل النبويّة الى قسمين:
1.دلائل معنويّة 2.دلائل حسيّة
الدلائل المعنويّة: يأتي في مقدّمتها القرآن الكريم الذي هو أعظم المعجزات، وأبهر الآيات وأبين الحجج الواضحات، لما اشتمل عليه من التركيب المعجز الذي تحدَّى به الإنس والجنّ أن يأتوا بمثله فعجزوا عن ذلك. كذلك من المعجزات المعنويّة أخلاقه الطاهرة الكاملة مثل، حلمه، وكرمه، وشجاعته، وزهده، وقناعته، وإيثاره، وجميل صحبته، وصدقه وأمانته.
الدلائل الحسّيّة: وهي المعجزات الواضحات، الباهرات، كانشقاق القمر، ونبع الماء، وتكثير الطعام، وتسليم الشجر والحجر عليه، وحنين الجذع، ونبع الماء من بين أصابعه، وتسبيح الحصى في كفِّه، واستجابة الشجر لدعوته صلّى الله عليه وسلم.
أقدمُ مَن أفرد كتب دلائل النبوّة:
- محمَّدُ بن يوسف الفِريابيٌّ (ت 212هـ) وهو محدِّثٌ ثقةٌ ثبتٌ في كتابه (دلائل النبوة).
- علي بن محمد المدائني (ت 225هـ) في كتابه (آيات النَّبيِّ).
خامسًا: كتب المغازي والسِّيرة المختصة:
كتب المغازي والسِّيرة المختصَّة تلي من حيث الدقَّة القرآن الكريم والحديث الشّريف، ومما يعطيها قيمةً علميةً كبيرةً أنّ أوائلها كتبت في وقت مبكِّر جدًّا، وعلى وجه التَّحديد في جيل التّابعين، حيث كان الصّحابة موجودين فلم ينكروا على كتَّاب السيرة، ممّا يدل على إقرارهم لما كتبوه. وكانت محبتهم للرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وتعلّقهم به، ورغبتهم في اتباعه، وأخذهم بسنته في الأحكام؛ سببًا في ذيوع أخبار السِّيرة، ومذاكرتهم فيها وحفظهم لها، فهي التطبيق العملي لتعاليم الإسلام.
من أبرز المصادرِ التي وصلت إلينا في السِّيرة:
(سيرة ابن هشام): وهي تهذيبٌ لسيرة بن إسحق، حيث حذف ابنُ هشام منها كثيراً من الإسرائيليات والأشعار المنتحلة، وأضاف إليها معلومات في اللغة والأنساب، ممّا جعلها – بعد التهذيب- تنال رضا جمهور العلماء، فليس من مؤلَّف بعده إلا كان عيالاً عليه.
مراحل الدعوة الإسلاميّة
مرّت الدعوة الإسلاميّة في حياته عليه الصلاة والسلام، منذ بعثته إلى وفاته بأربع مراحل:
-
المرحلة الأولى: الدعوة سرًّا، واستمرّت ثلاث سنوات.
-
المرحلة الثانية: الدعوة جهرًا، وباللسان فقط، واستمرّت إلى الهجرة.
-
المرحلة الثالثة: الدعوة جهرًا، مع قتال المعتدين والبادئين بالقتال أو الشرّ، واستمرّت هذه المرحلة إلى عام صلح الحديبية.
-
المرحلة الرابعة: الدعوة جهرًا مع قتال كلّ من وقف في سبيل الدعوة، أو امتنع عن الدخول في الإسلام – بعد فترة الدعوة والإعلام – من المشركين أو الملاحدة أو الوثنيين. وكانت هذه المرحلة هي التي استقرّ عليها أمر الشريعة الإسلاميّة، وقام عليها حكم الجهاد في الإسلام.
الدعوة سرا :
بدأ النبيّ صلى الله عليه وسلم يستجيب لأمر الله، فأخذ يدعو إلى عبادة الله وحده ونبذ الأصنام، ولكنّه كان يدعو إلى ذلك سرًّا حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصّبة لشركها ووثنيّتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلّا من كانت تشدّه إليه قرابة أو معرفة سابقة. وكان في أوائل من دخل الإسلام من هؤلاء: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وعليّ بن أبي طالب، وزيد بن حارثة مولاه عليه الصلاة والسلام ومتبنّاه، وأبو بكر بن أبي قحافة، وعثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقّاص.. وغيرهم، رضي الله عنهم جميعًا.
كان هؤلاء يلتقون بالنبيّ صلى الله عليه وسلم سرًّا، وكان أحدهم إذا أراد ممارسة عبادة من العبادات ذهب إلى شعاب مكّة يستخفي فيها عن أنظار قريش. ثمّ لمّا أربى الذين دخلوا في الإسلام على الثلاثين – ما بين رجل وامرأة – اختار لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أحدهم، وهو الأرقم بن أبي الأرقم، ليلتقي بهم فيها لحاجات الإرشاد والتعليم، وكانت حصيلة الدعوة في هذه الفترة ما يقارب أربعين رجلًا وامرأة دخلوا في الإسلام، عامّتهم من الفقراء والأرقاء وممّن لا شأن له بين قريش.
لماذا بدأ الرسول صلّى الله عليه وسلّم الدعوة سرًّا؟
-
تعليمًا للدعاة من بعده، وإرشادًا لهم إلى مشروعيّة الأخذ بالحيطة والأسباب الظاهرة، وما يقرّره التفكير والعقل السليم من الوسائل التي ينبغي أن تتّخذ من أجل الوصول إلى غايات الدعوة وأهدافها. فأسلوب دعوته عليه الصلاة والسلام في هذه الفترة كان من قبيل السياسة الشرعيّة بوصف كونه إمامًا، وليس من أعماله التبليغيّة عن الله تعالى بوصف كونه نبيًّا.
-
أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بوسائل الحيطة والحذر من كفّار قريش حتّى يصل إلى الغاية والهدف السامي وهو انتشار الإسلام.
-
حتى لا يصادم قريش في معتقدهم فتــكون من باب التهيئة لكفار قريش.
-
حتى يكون أنصار لهذه الدعوة وقاعدة لها يستطيع الانطلاق منها للنهوض بالدعوة.
-
درء المفسدة مقدّم على جلـب المصلحة: أجمع جمهور الفقهاء على أنّ المسلمين إذا كانوا من قلّة العدد أو ضعف العدّة بحيث يغلب الظن أنهم سيُقتلون من غير أي نكاية في أعدائهم، إذا ما أجمعوا قتالهم، فينبغي أن تقدّم هنا مصلحة حفظ النفس، لأنّ المصلحة المقابلة وهي مصلحة حفظ الدين موهومة أو منفيّة الوقوع.
خلاصة الأحكام المرتبطة بالدعوة
-
تجب المسالمة أو الإسرار بالدعوة إذا كان الجهر أو القتال يضر بها.
-
لا يجوز الإسرار في الدعوة إذا أمكن الجهر بها وكان ذلك مفيداً.
-
لا يجوز المسالمة مع الظالمين والمتربصين بها إذا توفرت أسباب القوة والدفاع عنها.
-
لا يجوز القعود عن جهاد الكافرين في عقر دورهم إذا ما توافرت وسائل ذلك وأسبابه.
وقفات في حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم
في السنة الأولى من بعثته
-
ابتداء الوحي .. وكان ذلك في السابع عشر من رمضان (وقيل في ليلة القدر) ، وكان عمره 40 سنة قمرية و 6 شهور و8 أيام. وعرض الأمر على ورقة بن نوفل وتطمينه للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
-
إسلام خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
-
إسلام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
-
إسلام زيد بن حارثة مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
-
إسلام صديقه الصديق أبي بكر رضي الله عنه.
-
ثم إسلام كلّ من : بلال بن باح – أبي عبيدة – أبي سلمة الأرقم وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .
الأوائل الذين دخلوا في الإسلام والحكمة من إسراعهم إلى الإسلام قبل غيرهم
إنّ الذين دخلوا في الإسلام في هذه المرحلة، كان معظمهم خليطاً من الفقراء والضعفاء والأرقاء، فما الحكمة من ذلك؟ وما السرّ في أن تأسس الدولة الإسلامية على أركان مثل هؤلاء الناس؟
الجواب: إنّ هذه الظاهرة هي الثمرة الطبيعية لدعوة الأنبياء في فترتها الأولى، ألم تر إلى قوم نوح كيف كانوا يعيّرونه بأن أتباعه الذين من حوله ليسوا إلا من أراذل الناس ودهمائهم: {ما نراك إلا بشراً مثلنا، وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي..}
زعم بعض الكتاب المسلمين وغيرهم أنّ السابقين الأوّلين إلى الإسلام كانــوا في معظمهم خليطًا من الفقراء والضعفـاء والأرقاء ولم يكونوا من خيرة أقوامــــهم؟
الردّ الأول:أنّ الذين تحمّلوا القسط الأكبر من التعذيب هم من الأرقاء والموالي، وقد كانت فتنتهم على ملأ من الناس، ولذا انتشر أمرهم، بينما امتنع الآخرون بأقوامهم، ومن عذّب منهم عذّب ضمن قبيلته، ولـذا لم ينتشر أمرهم، ولم يذكروا كثيرا.
الرد الثاني:أوضح ابن حجر أنّ معنى كلمتي (الضعفاء) و(الشرفاء) اللتين وردتا في حديث هرقل مع أبي سفيان هو: معنى الأولى: (الضعفاء) أنّ اتباع الرسل في الغالب أهل الاستكانة لا أهل الاستكبار الذين أصرّوا على الشقاق بغيًا وحسدًا كأبي جهل وأتباعه. معنى الثانية: (الشرفاء) أنّ الشرف يقصد به ما يرادف التكبر.
الرد الثالث:أنّ مجموع السبعة والستين الذين سبقوا إلى الإسلام ثلاثة عشر فقط ممّن هم من الفقراء والمستضعفين والموالي والأرقاء والأخلاط من مختلف الأعاجم، فهم إذن الخمس من المجموع.
المغالاة في السرية تنتج مساوئ ومضار دعويّة، منها:
-
أن أمر الدعوة والدعاة يكون غامضاً عند عامة الناس، وفي هذه الحال إذا وجد من يشيع الشبهات حولها أو يختلق عليها الافتراءات والأكاذيب، فقد تجد هذه الافتراءات والشبهات والأكاذيب قبولاً عند العامة لعدم معرفتهم لحقيقة الدعوة وجماعات الدعاة، ولا يعرفون حجة يدافعون بها عنهم.
-
أن المبالغة في السرية تثير عند الناس الشكوك وسوء الظن، إذ يتساءلون: إذا لم يكن لهؤلاء الدعاة وجماعاتهم سوى الدعوة إلى الله من أهداف مشبوهة فلماذا الكتمان والسرية؟
-
عدم ظهور قادة الدعوة وجهل الناس بهم، وهم في الأصل القدوة الحسنة لغيرهم من جماعات الدعاة وعامة الناس، والناس إن عرفوهم ووجدوا فيهم الصدق والإخلاص والتجرد والصلاح اشتدت ثقتهم بهم، وتأسيهم بهم، واستجابتهم لدعوتهم، وتلبيتهم لمطالبهم، والنصرة لهم ولدعوتهم، وبذلك يحبطون مكائد الأعداء، ويحال بينهم وبين ما يشتهون من التشكيك فيهم والتشويه لدعوتهم.
الدعوة جهرًا
بعد ثلاث سنوات كاملة من الدعوة السرية كان عدد المسلمين نحو الستين من الرجال والنساء، وقد بات من المتعذر على أهل مكة أن يستأصلوا الإسلام بكامله، خاصةً إذا كان هؤلاء المسلمون من قبائل مختلفة، وأن معظمهم من الأشراف، هنا أَذِن الله لرسوله الكريم أن يجهر بالدعوة.
اول ما نزل بهذا الصدد : قال تعالى: ( وأنذر عشيرتك الأقربين). سورة الشعراء.
للمناقشة: لماذا وقعت هذه الآية بعد ذكر قصّة موسى عليه السلام من بداية نبوّته وحتّى هجرته مع بني إسرائيل ونجاتهم من فرعون؟
الجواب:
-
لتكون قصّة موسى عليه السلام نموذجًا للرسول صلّى الله عليه وسلم، وللصحابة لما سيلقونه من التكذيب والاضطهاد بعد الجهر بالدعوة.
-
لبيان مآل المكذبين للرسل من الأقوام السابقة.
لماذا الدعوة للاقربين أولا –
كانت الدعوة الجهرية مرحلة جديدة من مراحل بدايات الدعوة الإسلامية، وفي بداية هذه المرحلة أعلن رسول الله صلّى الله عليه وسلم دعوته، بينما ظلّ المسلمون على سرّيتهم ما استطاعوا. لماذا؟
** لبيان التدرّج في الدعوة.
** كما أُمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالبلاغ ؛ فقد أُمر أن يبدأ بأقربائه بالتحديد دونَ بقية الناس.
لماذا الأقربون بالذات؟
هذا نوع من التدرج في إيصال الدعوة للعالمين، إذ نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، وقد أمره الله بدعوة الأقربين.
لأن هناك حبًّا فطريًّا لشخص الداعية من الأقربين، وبهذا فإن الأقربين سيكونون أقرب للإجابة، فالقريب ليس بينه وبين الداعية حواجز قبلية أو حواجز عنصرية، أو غير ذلك من الحواجز.
لأنه بذلك سيكون في حمية قبلية تدافع عنه، وإن هذا ليعطي قوة كبيرة للداعية، خاصة إذا كان له عائلة كبيرة وضخمة، كما أنه لو آمنت هذه العائلة بما يقول الداعي لأصبحت عضدًا له في دعوته.
أن دعوة الأقارب مسئولية أُولى على الداعية، حديث رسول الله : “كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”. ومن هنا جاءت أهمية صلة الرحم، وأهمية دعوة الأقربين.
لنتخيل لو أن الداعية كان يُحارب في عقر داره، يُحارب من داخل بيته أو عشيرته أو قبيلته، نتخيل لو أن زوجته أو ابنه أو أباه أو غيرهم ممن هم من أهله وعشيرته كان يعوق مسيرته، فإنه -ولا شك- سيواجه الكثير من الصعاب في طريق الدعوة، ومن هنا نؤكد على نقطة بنائية مهمة، ألا وهي: دعوة الأقربين أهم بكثير من دعوة الناس عامة.
وفي توضيح أكثر وتدليل على ما سبق ما كان من أمر لوط حينما جاءه قومه يراودونه عن ضيفه، فقد رد عليهم متأسفًا: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80]. إذ لم يكن لسيدنا لوط عائلة قوية تحميه وتقف من ورائه، فكان يودّ لو أن له عائلة قوية لوقف أمام القوم يدافع عن ضيفه، وهنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم معلقًا على موقفه هذا: “رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ؛ لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (يعني الله )، فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ”. وعلى النقيض من هذا كان موقف شعيب، وذلك حين جاء إليه قومه يعترضون عليه فقالوا: {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: 91]. ومن هنا فقد كانت دعوة الأقربين ذات أهمية بالغة في بناء الأمم.
لذلك حين نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] تحرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا الأقربين إلى طعام وكان عددهم خمسة وأربعين من أهله وعشيرته، حيث إن الدعوة على الطعام مما ترقق القلوب، وتبعث على المودة والألفة.
موقف ابي لهب من الدعوة :
في الاجتماع وقبل أن يتكلم رسول الله ويجهر ويصرح لهم بأمر دعوته حدث أمر غريب، فقد وقف أبو لهب وقال: هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك، فتكلم ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة.
وهذا يعني أن أبا لهب كان يعلم بأمر الدعوة وأمر الإسلام، ولكنه ما اعترض عليه من قبل، ولم يعترض أحد من قريش قبل ذلك مع اكتشافهم أمر بعض المسلمين، ولقد كان ذلك لأن المسلمين كانوا يكتفون بعبادات فردية، كانوا يعبدون الله في بيوتهم، وقد ظن أهل قريش أن هذا لا يعدو أن يكون مثل أفعال بعض السابقين الذين تنصروا أو اتخذوا الحنيفية دينًا.
فالأمر الطبيعي أن أهل الباطل لا يمانعون أن تعبد ما تشاء في بيتك، طالما أن ذلك دونما تدخلٍ منك في أمر المجتمع، أما أن يجمع محمد الناس ويبدأ في دعوتهم إلى ما هو عليه، ثم يسفّه ما يعبدون من دون الله، ثم يُحكّم الله الذي يعبده في أمورهم، فهذا ما يرفضه أهل الباطل من قريش.
ومن ثم كانت هذه مبادرة أبي لهب، وقد أتبعها بكلام شديد حيث قال: “فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشرٍّ مما جئت به”.
وهنا وفي حنكة وحكمة بالغة سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقم بما كانت من أجله هذه الدعوة وذاك الاجتماع، فلم يدعُ الناس، ولم يدخل في جدل مع أبي لهب، حيث الظرف غير موات، فالجو مشحون، والخلاف قريب، وليس من الحكمة تبليغ الدعوة في مثل هذه الأحوال، وخاصة أن أبا لهب هذا هو عمه وله أيضًا أتباع وأنصار.
إذن فليجمع الرسول صلى الله عليه وسلم الناس في موعد آخر، يبادر هو فيه الكلام ويسبق أبا لهب وغيره.
موقف ابي طالب من الدعوة :
في جولة ثانية، وفي اجتماع ثانٍ، وفي أمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن طريق الدعوة شاق وطويل، وأن الدعوة مكلفة ولها ثمن وأثمان، وأن الداعية يعطي لا يأخذ، وأنه يساعد لا يطلب المساعدة، وأنه يخدم لا يطلب الخدمة، جمع الرسول صلى الله عليه وسلم أهله وعشيرته مرة ثانية على الطعام، وفي هذا الموعد الثاني بادر الرسول صلى الله عليه وسلم بالحديث فقال: “الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ، وَأُؤْمِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ”. إنها كلمات خطيرة جدًّا في مكة في ذلك الوقت.
ثم قال: “إِنَّ الرَّائِدَ لاَ يَكْذِبُ أَهْلَهُ، وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ خَاصَّةً، وَإِلَى النَّاسِ عَامَّةً، وَاللَّهِ لَتَمُوتُنَّ كَمَا تَنَامُونَ، وَلَتُبْعَثُنَّ كَمَا تَسْتَيْقِظُونَ، وَلَتُحَاسَبُنَّ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَإِنَّهَا الْجَنَّةُ أَبَدًا أَوِ النَّارُ أَبَدًا”.
ورغم أنه خطاب قصير جدًّا، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع فيه الكليات الأساسية للعقيدة، ووضح فيه مغزى الرسالة، كما أنه -تقريبًا- أعلن الحرب على آلهة قريش وعلى من يقفون وراءها.
وإزاء هذا الخطاب القصير والبسيط في ظاهره، العميق الدلالة في جوهره، كان لأقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم موقفان متباينان.
الموقفان المتباينان :
الموقف الأول:
هو موقف أبي طالب، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أحبه حبًّا يفوق حب أولاده، وهو الذي كان قد تكفل به بعد وفاة جده عبد المطلب، والذي يعدّ موقفه هذا من أكبر علامات الاستفهام في التاريخ. فقد وقف إلى جواره يشجعه بكل طاقاته، لكنه ما دخل في دينه أبدا، لقد تحمّل أبو طالب الكثير من تبعات الدين الشاقة ولكنه لم يستمتع بأجمل ما فيه، تضحية وبذل وجهاد وعطاء، ولا إيمان {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} ، قام أبو طالب فقال: “ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب (يقصد النصرة)، فامضِ لما أُمرت به (وهذا يعني أنه كان يعلم أن الله أمره بذلك، ولم يأت به من عنده)، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب”. تناقض بشع في ذات المقالة، فقد وقفت التقاليد حاجزًا وحائلاً بين أبي طالب وبين الإيمان، ووقف تقديس رأي الآباء والأجداد حتى وإن كان مخالفًا للحق دون دعوة الحق. لكن ما يهمنا هو أن أبا طالب كان واضحًا وصريحًا في دفاعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول يوم جهر فيه بالدعوة لأقاربه.
الموقف الثاني:
هو موقف أبي لهب فما زال مصرًّا على عدائه فقد قال: هذه والله السوءة، خذوا على يده قبل أن يأخذ غيركم. فقال أبو طالب: “والله لنمنعه ما بقينا”.
وهكذا نرى التدرج الواضح في أمر الدعوة والذي قام به رسول الله ، فقد دعا الأقارب أولاً، ثم قريشًا، ثم عامة الناس.
ومع الأمر الإلهي: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [الحجر: 94] يكون قد وضح أمران من المفترض أنهما سيظلان متلازمين في هذه المرحلة، التي تسمى مرحلة جهرية الدعوة، وهما:
- الأمر الأول: إعلان الدعوة للناس عامة، مع خطورة هذا الأمر.
- الأمر الثاني: الإعراض عن المشركين، بمعنى عدم قتالهم، وهذا يحمل في طياته أن المشركين سيحاولون قدر استطاعتهم أن يوقفوا مد هذه الدعوة، وعلى الرسول في هذه الفترة أن يتجنب الصدام مع الكفر، حتى ولو حدث كيد وحدث تعذيب، بل لو حدث قتل، فهذه ظروف مرحلة معينة دقيقة جدًّا تمر بها الدعوة.
لماذا حارب أهل مكة الدعوة، ولم يؤمنوا بها؟
- للعيوب الأخلاقية والاجتماعية التي كانت فيهم، فلم تطِب أنفسهم لتصديق النبي صلى الله عليه وسلم؛ بسبب تقاليدهم وجبنهم.
- القبلية المتعصبة التي كانت فيهم، ذلك التعصب وتلك القبلية أو القومية هي من صفات الجاهلية.
- الخوف على المصالح والزعامة والرياسة كان سببًا من الأسباب الرئيسية لعدم دخولهم الإسلام، فالإسلام يعدل بين الناس ويسوي بينهم، وهو ما أرَّق بعضهم؛ فالعنجهية القرشية القديمة التي تمتّع بها القرشيون بين القبائل ستسحب منهم، ويتحول ذلك السيد صاحب الصوت الجهوري إلى مواطن عادي يضارع أخيه الذي يصغره مقامًا أو فقرًا.
- الخوف على المصالح المالية.
- الخوف من الضياع والتبدد والهلاك؛ فهم مستفيدون من وضع مكة الحالي المنغمس في الشهوات والمفاسد، والإسلام يدعو للتقيد بأحكامه حتى لا تكون حرية عاهرة، فالحرية في الإسلام هي التقيد بأحكامه؛ فمَنَعهم عن الإسلام غباؤهم في استيعاب قضية التوحيد والبعث والحاكمية.
الدروس والعبر –
- بداية الأقربين بالدعوة حتى لا يكونوا حجةً للأبعدين، والحجة إذا قامت عليهم تعدت إلى غيرهم، وهم أولى بالبر والخير بالنسبة للداعي من غيرهم لما في ذلك من صلة الرحم.
- دعوة الأقربين بيان للناس عدم محاباة الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته، وبيان صدق ما جاء به إليهم حيث خصّ بما جاء به أقاربه وأهل بيته قبل غيرهم من الناس.
- إعلان الرسول صلى الله عليه وسلم المنهج الإسلامي من أول يوم في منازل الناس وأن جزاءهم عند الله ونصيبهم في الإسلام يكون بقدر طاعتهم، فالأنساب والبقاع لا تزكي أحداً. فأبو لهب هو الشخص الوحيد من قريش الذي ذكر باسمه في القرآن في معرض المقت والوعيد فلماذا؟ لقد اجتمع لأبي لهب عدة مزايا، فشهر بجمال الوجه، ورزق الثروة، وكان له الشرف والجاه، كما كانت له القرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعلّ اختصاصه بذكر الاسم لبيان أن أياًّ من هذه المزايا لا تغني عن صاحبه من مقت الله وعذابه إذا خالف أمره.
- إذا كان سيد العالمين رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لسيدة نساء أهل الجنة فاطمة رضي الله عنها شيئاً فكيف بغيرها.
- لا شك أن النتيجة القريبة المباشرة للجهر بالدعوة هي الصدّ والإعراض والتكذيب والإيذاء والسخرية، والرسول صلى الله عليه وسلم قد وطّن نفسه على ذلك كلّه ويعرف تلك النتيجة مسبقاً، ولكن ليست هذه هي كل النتيجة، فما بعدها هو المطلوب والمقصود.
- أن الجهر بالدعوة ينقلها من مكان مغلق إلى الهواء الطلق والميدان الرحب، وممن سيساهم في نقل الدعوة هم أعداؤها عن طريق التحذير منها، والناس ليسوا كلّهم تقليديّين إمعات يتبعون ما تقوله قريش، وهناك أمثلة من إسلام بعض القبائل بسبب ما سمعوه من سبٍّ للرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته فحمله على الاطلاع على الأمر من قرب فدخلوا فيه
قد تفقد الدعوة في بدايتها وسائل الإعلام المطلوبة للتبليغ ولكن أعداءها قد يقومون بجزء من ذلك نيابةً عنها وذلك بما تثيره على الدعوة من كيد وشبهات
ردود فعْل المشركين من الدعوة الجهريّة
-
انفجار مشاعر الغضب في مكّة.
-
الغرابة والاستنكار من تضليل المشركين وعبّاد الأصنام.
ما السبب في ذلك؟
-
لأنّ معنى الألوهيّة ينفي عما سوى الله.
-
معنى الإيمان بالرسالة وباليوم الآخر يعني الانقياد والتفويض.
والمحصّلة: انتفاء سيادتهم وكبريائهم على العرب.
ماذا فعلوا؟ إرسال وفد إلى أبي طالب
-
كانت الفكرة الأولى: مشى رجال من أشراف قريش إلى ابي طالب، فقالوا: يا أبا طالب إنّ ابن أخيك قد سبّ آلهتنا، وعاب ديننا، وسفّه أحلامنا، وضلّل أباءنا، فإمّا ان تكفّه عنّا، وإمّا ان تخلّي بيننا وبينه، فإنّك على مثل ما نحن عليه من خلافة، فنكفيكه.
-
ماذا فعل؟ قال لهم قولًا رقيقًا، وردّهم ردًّا جميلًا، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه، يظهر دين الله، ويدعو إليه.
نماذج من الاضطهادات :
-
من أفعال أبي لهب:
-
ما فعل في مجلس بني هاشم، وما فعل على الصفا.
-
كان قد زوّج بنتيه لبنات الرسول صلّى الله عليه وسلّم (رقيّة وأم كلثوم) ولمّا كانت البغثة امرهما بتطليقهما بعنف وشدّة.
-
لمّا مات عبد الله الابن الثاني للرسول صلّى الله عليه وسلم استبشر أبو لهب ، وهرول إلى رفقائه يبشرهم لأنّ محمّدًا صار أبتر.
-
كان يجول خلف الرسول صلى الله عليه وسلم في الأسواق ويكذّبه.
-
زوجة أبي لهب كانت تضع الشوك في طريق الرسول صلّى الله عليه وسلّم وعلى بابه.
-
كانت امرأة سليطة تبسط لسانها فيه، وتطيل عليه الافتراء والدس.
-
من جيرانه أيضً من آذوه: الحكم بن أبي العاص، عقبة بن معيط، عدي بن حمراء. أسلم منهم فقط الحكم بن أبي العاص.
وقفات وعبر من المواجهة والاضطهادات –
- أكبر عقبة تواجه الداعية إلغاء الناس عقولهم والتمسك بالعادات والتقاليد وأعراف الآباء دون حجة أو برهان.
- على الداعية أن يواجه الناس ويوضح الحق بحكمة دون مجاملة على حساب الحق .
- الولاء للدين مقدم على الولاء للجنس والعرق.
- الابتلاء سنة في الدعوات، لا ينجو منه مؤمن صادق.
من حكم الابتلاءات:
-
تربية الناس والإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة.
-
المحافظة على الأمانة بعد تسلمها.
-
تطهير الصف من الأدعياء.
-
استخراج عبوديتهم لله.
-
تكفير سيئاتهم ورفع درجاتهم عند الله.
-
شهادة الله على قوة إيمان المبتلى ومحبته له.
-
تقديم الدليل القوي على جدارة الدعوة وصدق المؤمنين.

Published: Mar 22, 2021
Latest Revision: Mar 22, 2021
Ourboox Unique Identifier: OB-1084902
Copyright © 2021