مهمة نهائية في مساق الأدب المحليّ

تحليل قصة الخرزة الزرقاء وعودة جبينة

للكاتب إميل حبيبي 

مقدمة من الطالبة معالي حجيرات 

اميل حبيبي 

 أديب وصحافي وسياسي ، ولد في حيفا في 29 آب (أغسطس) 1921حيث ترعرع وعاش حتى عام 1956 حين انتقل للسكن في الناصرة حيث مكث حتى وفاته. في 2 مايو/أيار 1996تفرغ للعمل السياسي في إطار الحزب الشيوعيّ الفلسطينيّ وكان من مؤسسي عصبة التحرر الوطني في فلسطين عام 1945. بعد قيام دولة اسرائيل نشط في إعادة الوحدة للشيوعيين في إطار الحزب الشيوعي الاسرائيلي الّذي كان أحد ممثليه في الكنيست(البرلمان الإسرائيلي) بين 1952 و1972 عندما استقال من منصبه البرلماني للتفرغ للعمل الأدبي والصحافي.

أصدر حبيبي هذه المجموعة عام 1970 وهي كتابه الأول، وهو يناهز الخمسين من العمر، وكان معروفًا بنشاطه السياسيّ الّذي بدأ منذ عام 1940 في الحزب الشيوعيّ ومن خلال عضويته في الكنيست، كما أشغل منصب رئيس تحرير صحيفة الاتحاد وعضو المكتب السياسي للحزب، إلى نهاية الثمانينات.

قصة الخرزة الزرقاء وعودة جبينة تنتمي لمجموعة حبيبي القصصيّة ” سداسية الأيام الستة”

والّتي أنجزها الكاتب إثر حرب حزيران عام 67 تعكس المجموعة أجواء الحرب وما نجم عنها.

مقال مرحلة التبلور: القضية الفلسطينية في الصميم، محمود غنايم

 موقع ويكيبيديا 

مضمون القصة

تدور أحداث القصة حول عودة  تلك البنت اللاجئة الّتي تعود من الغربة  إلى لزيارة والدتها المقعدة في الأراضي المحتلة  بعد غياب عشرين عامًا والتّي كان نتيجة للحرب تعود بعد تصريح لدخولها البلاد  ولكن هذه العودة مؤقتة كان هذا اللقاء بعد الغياب، الّذي أعاد إليهما الحياة والامل.

وخلال المرور بنبع الماء والّذي جفّ  استحضر الكاتب الحكاية الشعبيّة جبينة وهي بنت لامرأة عاقر كانت نعمل في صنع الجبنة وتطلب من ربها أن يطعمها بنتًا بيضاء فأطعمها الله بنتًا فاسمتها جبينة تم اختطافها وكانت تعمل كراعية أوز كانت تغني وهي ترعى الإوز حتّى سمعها الأمير فتزوجها.

وفي طريقها إلى والدتها وحين مرورها بين الأزقة القديمة أخذت تستذكر كلّ ما كان، حين ركوبها السيارة هتفت للسائق بأن يحذر من الحفرة في أخر الزقاق، لتكتشف في النهاية أنّه لم يعد شيء على حاله وأنّ كلّ تغير حتّى الانسان قد كبر وتغير.

أخذ خبر عودتها يجتاح القرية والجميع يتهافت بذلك، أخذت تستقبلها نسوى القرية، حتّى وصلت إلى والدتها وإذ بها تقف على قدميها تحاول أن تسمع وأن ترى، كانت الفرحة تغمر الأم.

حين عودة الأم لفراشها أخرجت صندوقًا يحوي أغراض لطفلة في السابعة من العمر كانت قد احتفظت به لحفيدتها وأخرجت خرزة زرقاء بقلادة ذهبية والّي كان والدها يقول لو ارتدت الخرزة لما حدث ما حدث

دمج الكاتب قصة عودة اللاجئة والقصة الشعبيّة جبينة ليجسد لنا معاناة الفراق الناجمة عن الحرب والّتي سببت الفراق الأبدي بين الأم وابنتها.

ينعكس ذلك على الشعب الفلسطيني والّذي تم تهجيره في الحرب ويعيش الشتات والضياع  بعيدًا عن أهله تصوّر لنا القصة الأيام القاسية من تمزقات وأشواق وآمال وخيبات وأحزان عمرها عشرون عامًا هذه الأجداث هي انعكاس أعماق الناس العرب من سكان فلسطين المحتلة وفي تصرفاتهم وفي بروز الشعور الحاد بالتمزق الداخلي، العائلي، الانساني الّذي عاناه ويعانيه هؤلاء خلال أطول عملية تعذيب عاناها شعب كامل في التاريخ، ولا يزال يعانيها.

انعكس ذلك القصة لوالدة اللاجئة والّذي مرضت وفقدت قدرتها على السمع والمشي نتيجة فراق ابنتها لمدة عشرين عام.

مقال مرحلة التبلور: القضية الفلسطينية في الصميم، محمود غنايم

الأساليب الفنيّة

لغة القصة 

استخدام اللغة المباشرة والواضحة والّتي تعادل لغة الصحافة إذ طغى العنصر السردي والاخباري يتمظهر ذلك في القصة “ ارتحلت مع زوجها وأطفالها إلى لبنان“.

استعمال اللغة التصويرية والّتي تضفي على الأسلوب نوعًا من الغرابة الّتي تفاجئ القارئ وتبعث الدهشة ينعكس ذلك في القصة والّتي تمزج بين الحكاية الشعبيّة وقصة اللاجئة مثال على ذلك: 

وكان رنين خلخالها، في مشيتها الطروب ينبئ العجال عن مقدمها فيفسح لها الطريق

انخفاض اللغة والاسلوب

امتزاج بين اللغة العامية مع الفصحى وهذا المزج يحتاج إلى براعة فنية حتّى يبدو طبيعيًا وغير متكلف وفي نفس الوقت مثير للدهشة مثال على ذلك الترجمة للفصحى ينعكس في النصّ

فأطعمها طفلة كانت تقول للقمر قم حتّى أقعد مكانك

مقال مرحلة التبلور: القضية الفلسطينية في الصميم، محمود غنايم

الاستفادة من الثراث الشعبيّ 

في القصة تمّ عقد مقارنة فنية بين عودة اللاجئة إلى قريتها في اسرائيل وبين عودة “جبينة” في الحكاية الشعبية. فنرى في هذه القصة عنصر الحكاية الشعبية وهي الأغنية الّتي كانت ترددها جبينة وهي تتشوق لأهلها

 يا طيور طايرة في الجبال العالية قولي لمي وبويا جبينة الغالية ترعى وز وتمشي غز في الجبال

العالية

ومن الأمثلة الأخرى في القصة لإضفاء جو الحكاية الشعبية والّتي تؤكد على احتلال هذه الظاهرة في النصّ

وكان – بلا طول سيرة- أن سمع الأمير الشاب الغناء، فاستوقفه فانجذب إليها فعاد في اليوم التالي فوقع في قلبه وعاد سبعة أيام فوقعت في قلبه فلم ينم سبع ليال بطولها

التركيب الوارد بين الشرطتين توحي بجو الحكاية الشعبية، والرقم سبعة لإثراء القصة بالبعد الأسطوري المتواجد بالأدب الشعبيّ

مقال مرحلة التبلور: القضية الفلسطينية في الصميم، محمود غنايم

المزج 

يمزج الكاتب بين الحكاية الشعبية وبين عودة اللاجئة إلى بلدها يكمن الاختلاف في النهاية إذ ان جبينة عادت إلى أهلها عودة نهائية أما اللاجئة عادت عودة مؤقتة، هذا الاختلاف وظيفي يدعمه تفاؤل الراوي وإيمانه بالتشابه التام بين الحكايتين ولابد أن ينعكس ذلك عاجلًا أو آجلًا

الاستطراد 

يخرج الكاتب عن سرد الحكاية ليشير إلى الوحدة والعزلة الّتي عاشتها العجزوز بسبب فراق ابنتها

اللاجئة ثم يستأنف سرد الحكاية 

واندفع صبي إلى عقد والدة جبينة المقعد الضرير مثل عنزة تطاولت عليها وكم من عنزة تطاولت

عليها وصاح حتّى تسمع

مقال مرحلة التبلور: القضية الفلسطينية في الصميم، محمود غنايم

تناص 

في مطلع القصة أغنية فيروز يا ساكن العالي طل من العالي عينك علينا على أراضينا رجع أخوتنا وأهالينا…

تشبيه

 ورد أسلوب التشبيه في القصة من خلال 

الوجه مثل قرص الجبنة 

مثل عنزة تطاولت عليها

سجع

وضعت رجلًا على رجل، وأنجبت صبيًا مثل العجل

مقال مرحلة التبلور: القضية الفلسطينية في الصميم، محمود غنايم