تحليل قصيدة
على لسان العربية

من نظم الشّاعر
حافظ إبراهيم
قصيدة (على لسان العربية) للشاعر حافظ إبراهيم
إلقاء: حمزة جمال الدين
نبذة عن حياة الشّاعر حافظ إبراهيم
ولد الشاعر المصري محمد حافظ إبراهيم في محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 – 21 يونيو 1932م. وكان شاعرًا ذائعَ الصيت، حاملًا للقب شاعر النيل الذي لقبه به صديقه الشاعر الكبير أحمد شوقي، وأيضا للقب شاعر الشعب
أتت به أمه قبل وفاتها إلى القاهرة حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله. ثم انتقل خاله إلى مدينة طنطا
وهناك درس حافظ في كتّاب
عمل في مهنة الكتابة والترجمة، توفي حافظ إبراهيم سنة 1932م في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس. المصدر ويكيبيديا

تنتمي قصيدة (على لسان العربية) إلى مدرسة الإحياء والبعث:
يطلق اسم (مدرسة البعث والإحياء) على الحركة الشعرية التي ظهرت في أوائل العصر الحديث، والتزم فيها الشعراء النظم على نهج الشعر في عصور ازدهاره، منذ العصر الجاهلي حتى العصر العباسي. وهم مجموعة من الشعراء، نذكر منهم: البارودي، الذي يعدُّ رائد هذه المدرسة.
ومنهم أحمد شوقي وحافظ ابراهيم، وترددت أصداء هذا الاتجاه في دواوين معروف الرصافي، وجميل صدقي الزهاوي وعبد المحسن الكاظمي، كما ترددت في أشعار إبراهيم اليازجي وأمين نحلة وأحمد الصافي النجفي ومحمد مهدي الجواهري.
مدرسة الاحياء ( محمود سامي البارودي ) (uobabylon.edu.iq)

مميزات مدرسة الإحياء والبعث وعرض أمثلة من القصيدة:
1- حافظ شعراء هذه المدرسة على نهج الشعر العربي القديم في بناء القصيدة؛ فتقيدوا بالبحور الشعرية المعروفة، والتزموا القافية الواحدة في كل قصيدة. القافية في القصيدة واحدة: حياتي، حصاتي، بناتي… والبحر الشعري الذي نُظمت القصيدة على وزنه هو البحر الطويل.
2- انشغالهم بقضايا العصر. اللغة العربية واجهت محاولات عديدة للتحريف والتشويه، وذلك ما دفع الشاعر حافظ إبراهيم، إلى نظم قصيدته الشهيرة اللغة العربية.
3- البدء بالتصريع: ويظهر ذلك في مطلع القصيدة
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي
وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي
4- ترسموا خطى القدماء فيما نظموه من الأغراض الشعرية، فنظموا مثلهم في المديح والرثاء والغزل والوصف. القصيدة تتناول موضوعي المدح والذّمّ، فالعربية تمدح نفسها وتفخر، وبالمقابل تذمّ وتلوم من تخلوا عنها.
5- جاروا في بعض قصائدهم طريقة الشعر العربي القديم في افتتاح القصيدة بالغزل التقليدي، والوقوف على الأطلال ووصف الدمن والآثار، ومن ثَمَّ ينتقلون إلى الأغراض التقليدية نفسها من مدح أو رثاء.
6- نسجوا على منوال القدماء في اختيار ألفاظهم، فجاءت فصيحة جزلة وتمسكوا بإحكام الصياغة، والأساليب البلاغية الشائعة في التراث الشعري القديم واقتبسوا من هذه الأساليب وضمنوها شعرهم، وحافظوا بذلك على الديباجة العربية الأصيلة، ورونق لفظها، وجرسها الموسيقي. في القصيدة بعض الألفاظ الفصيحة مثل: حصاتي، النخرات، لوثة، الرموس، ناعب، عترة…
7- جاروا الشعر القديم –أيضًا– في تعدد الأغراض الشعرية في القصيدة الواحدة، فنجد فيها الغزل والوصف والمديح والحكمة، أو نحو ذلك، وينتقلون من غرض إلى آخر كما كان يفعل الشاعر القديم.
8- عارض كثير منهم روائع الشعر العربي القديم، وقلدوها بقصائد مماثلة وزنًا وقافية أو موضوعًا، وأصبحت المعارضات كما يقول أحد الباحثين سمة من سمات العصر، بسبب كثرتها، حتى بدا إنتاج بعض الرواد، وكأنه في مجمله معارضة للشعر العربي القديم.. على نحو ما ترى عند البارودي والكاظمي وشوقي وغيرهم، مع اختلاف أغراضهم في المعارضة؛ فقد تكون لترويض القول، واستكمال ثقافتهم الفنية والتمكن من الأداة التعبيرية، او الاستفادة من معجم الأوائل الشعري، في المحاولات الأولى لنظم الشعر، وقد تكون معارضتهم فنًا وإبداعًا لما تضمنته القصيدة التراثية من دلالة تاريخية أو حضارية..
9- هجروا كثيرًا من الأغراض الشعرية التي كانت تسود في العصر العثماني كالألغاز والتأريخ الشعري، وشعر التصوف، وقلَّ عندهم الهجاء والفخر؛ لأنها لم تعد تناسب الظروف الاجتماعية، والسياسية في العصر الحديث.
10- استحدثوا أغراضًا شعرية جديدة لم تكن معروفة من قبل في الشعر العربي، كالشعر الوطني ، والشعر الاجتماعي، والقصص المسرحي، ونظموا في المناسبات الوطنية والسياسية والاجتماعية.
11- كان شعرهم –في مجمله– هادفًا، جادًّا في معناه، تنتشر الحكمة والموعظة بين ثناياه. ولعلهم في ذلك كانوا يجارون ما في التراث الشعري من حكمة، وتأمل للحياة والكون. واعتمدوا عليها في رسالتهم الاصلاحية، وهدفهم في تهذيب الأذواق، وإصلاح المجتمعات. كما هو واضح أن القصيدة تهدف إلى نشر رسالة ما، وهي الاعتناء بلغتنا لغة الضاد، إذ أن اللغة إن سادت وانتشرت كانت بمثابة مفتاح يفتح للشعب أبواب كثيرة من الحكمة والموعظة والعلوم بشتى أنواعها…
بتصرف:مدرسة الاحياء ( محمود سامي البارودي ) (uobabylon.edu.iq)
حول قصيدة (على لسان العربية):
قصيدة اللغة العربية واحدةٌ من أشهر قصائد شاعر النيل حافظ إبراهيم وهي من القصائد العمودية المنتمية إلى بحر الطويل في الشِّعر، وتتكون القصيدة من ثلاثةٍ وعشرين بيتًا نظمها على لسان اللغة
العربية، وقصيدة اللغة العربية تُعرف في ديوان حافظ باسم رجعتُ إلى نفسي فاتّهمتُ حصاتي.
ففي هذه القصيدة يتكلّم في حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية في واحدةٍ من أحرج الفترات الزمنية التي مرّت على العالم العربي إبان الاستعمار والانتداب على المنطقة العربية والذي أثّر تأثيرًا بالغًا في اللغة العربية وتعلُّق أبنائها بها وعزوفهم عنها في حالاتٍ أخرى خاصةً بعد المناداة بكتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية واعتمادها اللغة اللاتينية لغةً رسميةً للتعليم في مصر، فكتب هذه القصيدة حيث بدأها بالشكوى على لسان اللغة العربية التي فُجعت عندما رُميت بالعقم وعدم كفاءتها لمواكبة العصر وهي لغة القرآن الكريم والتي عبر بها عن كافة معانيه وآياته بمنتهى الدقة والإيجاز والبلاغة فكيف تضيق اليوم عن وصف العلوم والمخترعات والأبحاث التي وضعها وألفها البشر والذين نادوا بوأدها واستبدالها بغيرها وهي البحر المليء باللؤلؤ.
وتبدأ اللغة العربية مع بداية البيت السابع بمعاتبة أبنائها عتابًا مليئًا بالحزن والأسى بقولها: ويحكم إذا تعرضتُ للفناء أنا ومحاسني فيجب أن أجد الدواء منكم، وتتساءل لماذا تُسرون لدعوة الغرب للتخلي عني ووأدي واختيار هجري إلى لغةٍ أخرى لا تمت لكم بصلةٍ كسُم الأفاعي الذي اختلط بالمياه العذبة، وتتطرق اللغة العربية إلى اللغات الأخرى وكيف اعتزّ بها أقوامها وعُزوا بها، واختتم حافظ إبراهيم قصيدة اللغة العربية بعد الانتهاء من الشكوى والمعاتبة الرقيقة ببسط يد الأمل والرجاء إلى كافة الكُتاب وعلماء اللغة العربية والعاملين بها وعليها إلى الحفاظ على اللغة العربية وتعزيز ثقتهم وإيمانهم بها وبثّ تلك الروح في الأجيال إذ سيجدون فيها كل ما يحتاجون إليه في كافة العلوم والآداب فهي لغةٌ قادرة على استيعاب كل جديدٍ وعلمٍ حديثٍ؛ فموت اللغة العربية هو موتٌ ودمارٌ للأمة والتاريخ لا قيام بعده
شرح أبيات القصيدة
الأساليب الفنيّة في القصيدة:
1. الإيقاع: هو الجريان أو التّدفّق، والمقصود به عامّة هو التّواتر المتتابع بين حالتي الصّمت والصّوت، أو النّور والظّلام، أو الحركة والسّكون، أو القوّة والضّعف… فهو يمثل العلاقة بين الجزء والجزء الآخر.
للإيقاع عناصر وهي:
أ. الوزن: التتابع الصّوتي خلال الزّمن هو ما يُطلق عليه الإطار الموسيقي للقصيدة، وأُطلِق عليه مصطلح الوزن. الوزن في قصيدة على لسان العربية يعتمد على بحر الطّويل.
ب. القافية: مجموعة أصوات في آخر السطر أو البيت، وهي الفاصلة الموسيقية، يتوقع السامع تكرارها في فترات منتظمة. القافية في القصيدة هي التاء المكسورة، وجاءت تاء مكسورة لتدلّ على مدى حزن وانكسار اللغة العربية، فالقافية هنا مرتبطة بالعاطفة.
2. الصّورة الشّعريّة: هي ركيزة أساسيّة من ركائز العمل الأدبيّ، فهي تمثل جوهر الشّعر، وأهمّ وسائط الشّاعر في نقل تجربته والتّعبير عن واقعه.
مفهوم الصّورة الشّعريّة يشمل كلّ الأدوات التّعبيريّة والشّعريّة مما تعوّدنا على دراسته ضمن علم البيان والبديع والمعاني والعروض والقافية والسّرد وغيرها من وسائل التّعبير الفنيّ.
من أنواعها:
أ. الاستعارة: نقل العبارة عن موضع استعمالها في أصل اللغة إلى غيره لغرض.
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني
عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي
ب. التّشبيه: إحداث علاقة بين طرفين أو شيئين لاشتراكهما في صفة أو أكثر باستعمال إحدى أدوات التّشبيه.
سَرَتْ لُوثَةُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى
لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
ج. الكناية: اللفظ المُستعمل فيما وضع له في اصطلاح التّخاطب للدلالة به على معنى آخر مصاحب له.
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً
مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ
التعريفات: ????? 2012 _2_ (sakhnin.ac.il)
بنية اللغة: معجم الشّاعر:
1. المعجم الديني:
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
2. المعجم الكوني:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
3. المعجم الطّبيعي:
-ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ
بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ
-سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى
لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
4. المعجم الوجداني:
حصاتي، نفسي، قلب، تكلوني، أيهجرني، شكاتي
5. معجم الألوان:
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعة ً
مشكَّلة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ
عربيةٌ أحببتُها فكأنَّها
أمي التي تحنو على أشبالِها
فإذا دنوتُ لها شعرتُ بعزتي
ورأيتُها شمسا بَدتْ بَـجَلالِها
تمّ بفضل الله
Published: Jul 25, 2022
Latest Revision: Jul 25, 2022
Ourboox Unique Identifier: OB-1360127
Copyright © 2022