النبي شعيب عليه السلام هو من أهم الشخصيات الدينية لدى الموحدين الدروز:
يحظى سيدنا شعيب عليه السلام, بمكانة مرموقة في اوساط الطائفة الدرزية الدينية وغير الدينية. فمكانته عند رجال الدين معروفة ومكانته كبيرة عند القسم الغير متدين من ابناء الطائفة, فبالإضافة الى كونه شخصية دينية مرموقة, هو كذلك شخصية تاريخية, لعبت دوراً في حوادث الأيام, خاصة في الدور الكبير الذي قام به مع النبي موسى عليه السلام, حيث دعمه وأرشده وعلّمه اصول الإدارة, وتنظيم صفوف شعبه, كما انه كان معه حينما تسلم الوصايا العشر ونزلت عليه النبوءة. ويذكر التاريخ كذلك موقفه من شعب مديَن, الذي خالف أصول المعاملات التجارية, ودعوته الى الصدق والأمانة في البيع والشراء, ومواقفه الاخرى بين الشعوب التي عاش فيها. ويحظى النبي شعيب عليه السلام, بقدسية عند كافة الطوائف والأديان, وبمكانة تاريخية هامة عند رجال التاريخ والفكر, وهذا المركز الرفيع يؤثر على تعلق الدروز به وبمكانته وبمنزلته وتهافتهم على زيارة المقام الشريف.

المقام :
يتمتع مقام النبي شعيب (ع) في حطين بأهمية بالغة في حياة المواطنين الدروز في إسرائيل منذ سنوات طويلة وقد لعب دورا مركزيا وكبيرا في تقرير مصيرهم وفي المحافظة على وجودهم منذ القدم وما زال. ولا يوجد في البلاد مكان ديني أو إداري له هذه الأهمية مثل المقام وقد تحوّل مع الوقت إلى رمز وشعار للدروز بصورة عامة ولدروز إسرائيل بصورة خاصة.
المقام هو أقدم موقع ديني درزي في البلاد , فقد ذكرت المصادر التاريخية أن المقام بني في عهد صلاح الدين الأيوبي, أي بعد إنتشار الدعوة بحوالي مائة سنة فقط, وهو قائم منذ ذلك الوقت. وكان في فترات مختلفة بشكل أو بآخر, هدفا دينيا مرموقا ومقصدا للحجاج والزوار والمؤمنين. وكان الدروز يتوافدون على المقام في مراحل متعددة من التاريخ, مما يثبت أنه المكان المركزي منذ القدم. وقد زادت أهمية المقام طبعا بعد أن تم ترميمه عام 1882 من قبل الرئاسة الروحية آنذاك وبمبادرة من الرئيس الروحي الشيخ مهنا طريف. وبعد هذا التاريخ تحول المقام إلى موقع مركزي في حياة الدروز ليس فقط في فلسطين, وإنما في المنطقة كلها, التي يتواجد فيها دروز وذالك طوال كل أيام السنة وخاصة في أيام الزيارة التقليدية في نيسان. ومع أنه توجد أماكن دينية مقدسة بجانب القرى الدرزية أو في داخلها , إلا أن مقام النبي شعيب (ع) ظل طوال الوقت الأهم والأكثر زيارة ورواداً
الترميمات الجديدة التي أقيمت فيه جعلته رمز فخر واعتزاز لجميع ابناء الطائفة:
لقد قام فضيلة الشيخ موفق طريف في السنوات الاخيرة بإكمال ما بدا به فضيلة المرحوم الشيخ امين طريف وباجراء ترميمات واسعة النطاق وبأعمال تطوير جذرية وهامة في تاريخ المقام. فقد اضاف الى البناية الأصلية القائمة منذ ثمانمائة سنة قاعة كبيرة ومرافق جديدة مبنية من الحجر وبتقنية عالية حيث اصبح المقام من اجمل المؤسسات الدينية في العالم. وفي الساحة العامة تم تعبيد مساحات كبيرة منها وإقامة طاولات لخدمة الزوار وترتيب الساحة بشكل ينظم وجود عدد كبير من الزوار في لحظة معينة ويستطيع عدد كبير جداً من ابناء الطائفة من مختلف القرى ان يحضر الى المقام وأن يدعو اليه من يشاء واي عدد يشاء ويمكن ان يحدث ذلك في وقت مركّز ولا يؤثر واحد على الآخر بل هناك اتساع في المساحة ورحابة صدر عند المشرفين والمسؤولين. ولكن على الراغبين بايفاء نذر في المقام الشريف تنسيق ذلك مع المشرف على المقام. لقد زار المقام في الآونة الأخيرة عدد كبير من الضيوف من الخارج وأعجبوا في نقاوته وطهارته وأشادوا بالتخطيط المناسب الذي يفسح المجال أمام عشرات الاف الزوار ان يتواجدوا فيه في نفس الوقت ويمنح الزائر الفرد الشعور الطيب بأنه موجود بأيادٍ أمينة. هذا وتستمر الرئاسة الروحية في ترميم المقام لتجعله تحفة هندسية فنية رائعة وهذا يلاقي صدى عند ابناء الطائفة الدرزية الواعين الذين يعتزون بالمقام ويفتخرون به وهم مستعدون على التضحية بكل غالٍ وثمين من اجله.


قصة نبي الله شعيب عليه السلام
كان أهل مدين من الاعراب يسكنون في ارض معان وهي قطعة من الارض تقع في اطراف الشام، وكان هؤلاء الاعراب من المشركين يعبدون الأيكة التي هي واحة مملوءة بالشجر والزرع، وكان اهل مدين ينقصون المكيال ويتلاعبون في الميزان ولا يعطون الناس حقوقهم كاملة ولما صار اكثر الباعة هكذا يبخسون الناس اشيائهم، كثر الفساد عليهم فبعث الله اليهم شعبياً نبياً بعد ان ميزة الله بحسن الحديث وبلاغة المنطق، فدعا شعيب قومة الي ترك الوثنية وعبادة الله الواحد الأحد وان يقيموا العدل ولا يغشوا في السلع ولا يتلاعبوا في الموازين والاسعار واخذ يذكرهم بفضل الله ونعمه عليهم ونهاهم عن سوء ما يفعلون قائلاً : لا تبخسوا الناس اشيائهم، وطلب منهم ان يعطوا الناس حقوقهم بالعدل، ولكنهم سخروا منه وقالوا له : أصلاتك تأمرك ان تترك ما يعبد آباؤنا او ان نفعل في اموالنا ما نشاء .
لقد سيطرت علي هؤلاء القوم فكرة تعتبر ان هناك فرقاً بين التجارة والمعاملات وبين الدين الذي يدعو إليه النبي شعيب، وانه لا صلة تربط بينهما، وهذا بالطبع تفكير خاطئ لأن الدين هو اساس التعامل في كل شئ، ولهذا كانت دعوة شعيب عليه السلام كسائر المرسلين والانبياء دعوة الي الايمان بالله الواحد الأحد ودعوة الي التسامح والتعاون بين الناس لنشر العدل .
وقد اصر قوم شعيب عليه السلام علي عنادهم وعلي افعالهم القبيحة وسخروا منه، واستمر شعيب يحاورهم بلطف ولين ويعرفهم أنه لا يريد من وراء ذلك اجراً وانما يريد إصلاح امرهم حتي ظن أنهم عرفوا الطريق السليم، ولكنه بعد فترة قصيرة ادرك ان كل اقواله ونصائحه لهم لا فائدة منها، اذ استمروا علي السخرية منه فأمسى حزيناً علي ما فعلوه معه واخذ يفكر فيما يجب ان يفعله معهم، وحاول شعيب عليه السلام ان يتخذ معهم طريقاً آخر فاخذ يحذرهم بأس الله وعذابه ويبين لهم نهاية ارتكاب المعاصي، ويدعوهم الي الاسراع للتوبة خوفاً من عقاب الله وعذابه، حاول معهم اكثر من مرة، وكان في كل مرة يقدم لهم الدليل علي صدق دعوته، وجاهد معهم جهاداً كبيراً لأنهم كانوا أهله وعشريته وصبر عليهم كثيراً لأنه رسول الله إليهم .
تحمل شعيب كثيراً وصبر علي دعوة قومه الي الايمان بالله، وما استعمله من اساليب خطابية جميلة لإيضاح طريق الحق جعل بعض الناس يصدقونه ويؤمنون بدعوته، ولكن ذلك الأمر رمي الآخرين بالخوف من اشتداد قوة شعيب، اذ ازداد عدد المؤمنين به وبدعوته، ولذلك اخذوا يتوعدون من آمن مع شعيب بإخراجهم من قريبتهم اذا لم يعودوا الي دينهم ودين آبائهم ولكن شعيباً وقف لهم بالمرصاد، فازداد القوم كفراً وعصياناً وصاروا لا يوفون المكيال اذا كالوهم ولا يزنون لهم بالميزان العدل اذا باعوهم شيئاً وراحوا يتهمون شعيب بالسحر والشعوذة ويتحدونه ان يسقط عليهم ناراً من السماء او ينزل عليهم العذاب ان كان ذلك في إمكانه كما يدعي من قدرة خالقه .
ولم يجد شعيب نفعاً مع هؤلاء القوم الكافرين فدعا ربه قائلاً : ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين ” فاستجاب الله لدعائه ونصره عليهم فأرسل عليهم الحر الشديد فجعلهم لا يرتوون من ماء ولا يحتمون في ظل ولا تمنعهم تلال او جبال من شدة الحر، ففروا هاربين تاركين ديارهم والتجأوا الي ظل سحابة كبيرة فآووا تحتها مجتمعين وهم يأملون ان يجدوا في ظلها النجاة، ولكن ما كاد عددهم جميعاً ان يكتمل تحت السحابة حتي بدأت تلك الغمامة تنزل عليهم الشرر واللهب وتصيبهم بصورة مباشرة فإذا جلودهم تتفسخ من وهج النار النازلة عليهم من السماء واذا هم في لحظات قصيرة صاروا جميعاً من الهالكين .


الزيارة
نحتفل كل عام في الخامس والعشرين من نيسان بعيد النبي شعيب-ع، في هذا اليوم المبارك يزدحم المقام الشريف بالزوار الذين يصلون لالتماس بركة أو إيفاء النذر .
اعتاد الدروز أن يحتفلوا بعيد النبي شعيب عليه السلام منذ مئات السنين وأصبحت الزيارة مناسبة ينتظرها الدروز لما فيها من معان دينية واجتماعية. ويتبادل الزوار القول “زيارة مقبولة


شكرا جزيلا اتمنى ان تكونوا قد استفدتم
النهاية
Published: Apr 4, 2018
Latest Revision: Apr 4, 2018
Ourboox Unique Identifier: OB-457230
Copyright © 2018