عصفورة تنقذ وطن

كانت العصافير تحيا حياة هادئة وسعيدة على شجرة كبيرة وارفة الظلال. وكانت تطير كل يوم فى الصباح الباكر تبحث عن الطعام فى السهول القريبة وأعلى التل ثم تعود فى المساء وهى تغنى. بينما كانت العصافير الصغيرة تطير حول الشجرة وهى تغنى وتلعب معا فى سعادة، تدور وتدور وتغنى بأجمل الألحان

وفى صباح أحد الأيام وقف العصفور الصغير صوصو على أحد فروع الشجرة، قبل أن يطير الجميع للبحث عن طعام. فلاحظ شيئًا عجيبًا سبب له كثير من الإنزعاج والحيرة, وأخذ يفكر فى حل لتلك المشكلة. ثم قال فى نفسه سأنتظر حتى تعود باقى العصافير فى المساء لنجد حلا لتلك المشكلة الخطيرة

وفى المساء عادت العصافير فى جماعات متعبة من العمل طوال اليوم, وكانت العصافير الصغيرة تغنى وتلعب كعادتهافى سعادة. وقف صوصو بين العصافير وقال: يا أصحابى, هناك شيئ خطير يحدث ولا بد أن نجد له حل!!. تجمعت العصافير حول صوصو الذى أخذ يشرح لهم المشكلة. فقال صوصو: إن أوراق الشجرة بدأت تتساقط وفروعها بدأت تجف.

قاطعه أحد العصافير وقال: يا لها من ملاحظات تافهه!! نحن متعبون الآن من العمل طوال اليوم. دعنا نستريح ثم بعد ذلك نفكر فيما تقول. رفع صوصو صوته وقال صدقونى إن الأمر خطير ولا يحتمل التأجيل. قال عصفور آخر: أنا لا أرى أن الأمر خطير, لأن الأشجار جميعها تتساقط أوراقها وتجف أغصانها ثم تعود وارفة الظلال من جديد.

قال صوصو: إننا لسنا فى فصل الخريف حتى تتساقط الأوراق, ولكننا فى فصل الصيف, وفى هذا الوقت تكون الأشجار وارفة الظلال لتحمى الجميع من حرارة الشمس. قالت الأم: وماذا يعنى هذا يا صوصو؟ قال صوصو: هذا يعنى أن الشجرة لا تجد الماء وتكاد تموت من شدة العطش. ساد الصمت لدقائق ولا احد يجد ما يتحدث به

قال الاب:هذا الكلام يعنى أننا يجب أن نبحث عن شجرة أخرى كبيرة, ننتقل إليها ونعيش عليها..وإن لم نجد, فيجب علينا أن نتفرق, ويبحث كل عصفور عن مكان ينقل إليه عشه وصغاره. حرك صوصو جناحيه وقال: لا يمكن أن نترك هذه الشجرة فهى الآن فى حاجة إلى مساعدتنا. فقد ساعدتنا عندما كنا فى حاجة إليها.كما أننا لا ينبغى أن نفترق

نظرت العصافير إلى صوصو وأخذت تتحدث إلى بعضها البعض. ثم قالت الأم: يا صوصو إننا عصافير صغيرة ولا نملك ما نساعد به هذه الشجرة الكبيرة.

قال صوصو: صحيح نحن حقًا صغار, لكن يمكن أن نساعد الشجرة. فإذا كانت لا تستطيع أن تصل إلى الماء, فعلينا أن نأتى إليها بالماء. تلفتت العصافير إلى بعضها البعض فى دهشة

قال صوصو يمكن أن نحمل المياه من البحيرة فى مناقيرنا إلى الشجرة. قال عصفور آخر: مهما فعلنا لن نستطيع إنقاذ الشجرة الكبيرة. أرى أن الأسهل أن نبحث عن شجرة أخرى. نظر إليه صوصو وقال: وأنا أرى أن هذه الشجرة هى وطنى, ولن أتركه وسوف أفعل كل ما أستطيع من أجل إنقاذها! قال الأب: فى الصباح نذهب إلى البحيرة ونجلب الماء إلى الشجرة.

وفى الصباح الباكر انطلقت كل العصافير إلى البحيرة, لتحمل المياه إلى الشجرة التى كادت أن تموت من العطش. وبعد مجهود كبير وعمل شاق, استمرت العصافير طوال اليوم فى نقل المياه. وقف عصفور أمام صوصو وقال: لقد سمعنا كلامك. والنتيجة كانت كما ترى, مناقيرنا صغيرة ولا تحمل من الماء إلا القليل ولم تستفيد الشجرة شيئ.

وقف صوصو وقال يمكن أن نبحث عن حل آخر. قاطعه العصفور ساخراً: نطلب من النهر أن يأتى بالماء إلى الشجرة؟ قال صوصو: لا, ولكن يمكن أن نحمل الماء فى أوراق الشجر المتساقطة على الأرض ويتشارك كل مجموعة عصافير فى حمل الورقة الممتلئة بالماء. رد عليه العصفور قائلا: كفى هراءًا, لن أشارك فى تلك الافكار الفاشلة. والأجدى أن نبحث عن شجرة أخرى.

فى اليوم التالى, تجمعت بعض العصافير مع صوصو وحملت الماء فى أوراق الشجر إلى الشجرة العطشانة. وقبل حلول المساء أصبحت الأرض حول الشجرة مبللة بالماء. ونام الجميع من شدة التعب, ولكن صوصو ظل يراقب الشجرة فى شغف. ولم تمر أيام قليلة, حتى بدأت الشجرة تنبت أوراقا خضراء صغيرة وبدأت أغصانها تتزين باللون الأخضر من جديد.

وقفت العصافير على فروع الشجرة من جديد, وقالت :الحمد لله لقد نجح صوصو فى إنقاذ الشجرة. ضحك صوصو وقال: بل نجحنا جميعًا فى إنقاذ وطننا الشجرة. فهى ليست كأى شجرة أخرى, لكنها الوطن الذى عشنا فيه, وعشنا معه أجمل الأوقات. وقف العصفور الساخر: وقال اعتذر إليك يا صديقى, لقد تعلمت منك أن نتكاتف جميعًا فى حل مشكلاتنا وأن المستحيل يمكن أن يصبح حقيقة بالتعاون والحب.