اِبْتَسَمَ الْفَضاءُ ، وَغَرَّدَتِ الْبَلابِلُ والْحَساسينُ، وَظَهَرَتِ الْعَصافيرُ مِنْ شُقوقِ الْجُدْرانِ ، فاسْتَيْقَظَ نَيْسان مِنْ نَوْمِهِ فَرْحان ، رَغْمَ أنّهُ نَعْسان…
2
فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ حَوْلَهُ وَهوَ حَيرْان، وَصاحَ :
أَيْنَ اخْتَفى حُلْمي الصَّغير ؟
تَقَدَّمَتْ والِدَتُهُ مِنْه عَلى مَهْلٍ ، وَنَدى الصَّباحُ يَلْمَعُ عَلى أَوْراقِ الْأَزْهارِ، نَظَرَ إلَيْها نَيْسان وَعانَقَها، .وَفاحَتْ مِنْ أَنْفاسِهِ رائِحَةُ الْياسَمينِ
4
أَلْقى رَأْسَهُ عَلى صَدْرِها وَسأَلَها وَهوَ حَزين :
أَيْنَ حُلْمي الصَّغير ؟
لماذا اخْتَفى مِنْ بَكّير ؟
تَنهَّدَتِ الْأُمُّ وَرَفَعَتْ رَأْسَها وَنَظَرَتْ إلى طِفْلِها وَروحُها تُعانِقُهُ ثُمَّ سَأَلَتْهُ :
وَما هوَ حُلْمُكَ يا صَغيري؟
6
أَمْسَكَ نَيْسان بِثَوْبِ أُمّهِ وَمَشَى نَحْوَ أَشْجار الصَّفْصّافِ ، وَعَيْنَاه تَنْظُرانِ نَحْوَ الْمُسْتَقْبَلِ، وَبَدَأَ يَحْكي حُلْمَه الصَّغير…….
كانَتِ الشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ، وَنَثَرَتْ خُيوطَها رِداءً مُذَهَّبًا، وَتَلاعَبَ النَّسيمُ بِشَعْرِ أُمّه . شَعَرَ نَيْسان بِأَنامِلَ سِحْريَّةٍ تُداعِبُ شَعْرَهُ النّاعِمَ، عِنْدَها أَحَسَّ بالطَّمأْنينَةِ وَقالَ وَفي صَوْتِهِ حَلاوَةٌ تَسيلُ عَلى شَفَتَيْهِ الْوَرْديّتَيْنِ :
8
أمّي حَلُمْتُ أنَّني أَحْمِلُ كِتابًا، وَمِقْلَمَة، وَحَقيبَة، وَأَتَسابَقُ مَعَ الْغَيْماتِ، وَأَلْتَقي الْفراشاتِ في تِلْكَ الْحَديقَة، حَديقَة مَدْرَسَتي، وَرِفاقي الصُّبيان والبَنات ، وَأَطْرُقُ بابَ صَفّي، وَأُعانِقُ مُعَلّمَتي .. نَعَم لَقَدْ أَصْبَحْتُ في الصَّفّ الْأَوَّلِ …….
10
إِنَّ الْجَمالَ في وَجْهِ نَيْسان لَمْ يَكُن يَنْطَبِقُ عَلى المْقاييسِ الّتي وَضَعَها الْبَشَرُ لِلْجَمالِ ، كانَ وَجْهُهُ يشعُّ نورًا مِنْ هالَةِ الْقَمَرِ، وَكانَ الْفَرَحُ وِشاحًا يَلُفُّ جَسَدَهُ الصَّغير …
فَهَمَسَتِ الْأُمُّ :
هذا هو حُلْمي يا وَلدي مُذْ كُنْتَ طِفْلًا رَضيعًا ……..
12
حروفنا الجميلة
ألف باء تاء ثاء
هيّا نقرأ يا هيفاء
هيّا نقرأ يا هيفاء
ألف أبني باء بلدي
بيدي بيدي أبني بلدي
كُلُّ حُروفي تأتي بَعْدُ
أتَعَلَّمُها وأنا أشدو
شعر: سليمان العيسى
14
Published: Aug 8, 2020
Latest Revision: Aug 8, 2020
Ourboox Unique Identifier: OB-895950
Copyright © 2020