عكا والبحر

عكا

تقع عكا على شاطئِ البحرِ الأبيضِ المتوسّطِ في الطرف الشمالي من خليجِ حيفا. عددُ سُكّانها اليومَ يزيدُ على خمسينَ ألفًا، ثُلثُهم من العربِ وثُلثاهُم من اليهودِ. مُعظمُ السّكانِ العربِ مُركّزونَ في المدينةِ القديمةِ المُحاطةُ بالسّورِ. أمّا السّكانُ اليهودُ فيعيشونَ في المدينةِ الجديدةِ الواقعةِ خارجَ السّورِ.في القسمِ الجنوبيِّ من المدينةِ ميناءٌ صغيرٌ، هو كلُّ ما تبقّى من الميناءِ الكبيرِ الذي كانَ فيها قديمًا.

تُحافظُ المدينةُ القديمةُ على طابعِها القديمِ وعلى ما فيها من آثارٍ دينيّةٍ وتاريخيّةٍ. وأبرزُ هذهِ الآثارِ الجوامعُ والكنائسُ والخاناتُ والبناياتُ العامّةُ والخاصّةُ التي منذُ مئاتِ السّنين.  الزّوّارُ الّذينَ يأتونَ الى عكّا من داخلِ البلادِ وخارجها، يقومونَ بزيارةِ هذهِ الآثارِ، كما يقومونَ بالتّجوّلِ في أسواقِها العامرةِ والجميلةِ، أو يجلسونَ لتناولِ الطّعامِ أو الشّرابِ في مطاعمِها ومقاهيها.وفي فترةِ الصّيفِ يزورُها الكثيرونَ للتمتُّعِ بشواطِئِها الرّائعةِ.

لمدينةِ عكّا تاريخٌ طويلٌ، إذْ تُعتبرُ من المدنِ القديمةِ جدًّا في هذه البلادِ. وقد كانت ميناءً هامًّا منذُ أقدمِ العصورِ. وكانَ الكنعانيونَ هم سُكّانها الأوائِلِ.

في القرنِ الثّامنِ قبلَ الميلادِ احتلّها الآشوريونَ، ثُمَّ توالى عليها المحتلّونَ والمهاجِمونَ منذُ ذلكَ التاريخِ وحتى القرنِ الثّامنَ عشَرَ بعدَ الميلادِ. وقد مرّتْ خلالَ ذلكَ في مراحل

مختلفةٍ من الرّكودِ والازدهارِ. أمّا أوجُ ازدهارها فكان في القرنِ الثامنَ عشرَ على عهدِ ظاهرِ العُمر وأحمد باشا الجزّار.

كانَ ظاهرُ العمرِ من سكّانِ البلادِ، وقد استولى عل الجليلِ كلّه، ثمَّ استولى عل عكا سنة 1750م، واتّخذها عاصمةً لإمارتِهِ. واستطاعَ خلالَ عشرينَ عامًا أنْ يبنيَ أجزاءً من السّورِ حولها، وأنْ يقيمَ فيها عددًا من المساجدِ والبناياتِ الهامّة. ولكنَّ مُدّةَ حُكمِهِ لم تستمرَّ فيها، فقد استولى الأتراكُ العثمانيونَ على عكّا سنة 1774م، وعيّنوا عليها أحمد باشا الجزّار واليًا. واصلَ الجزّارُ أعمالَ العُمرانِ في عكّا بعدَ سابِقِهِ، فبنى فيها جامعًا كبيرًا سُمّيَ باسمِهِ، هو جامعُ الجزّارِ الذي ما زالَ موجودًا حتى اليومِ، وجلبَ إليها المياهَ في

قنواتٍ تمتدُّ من ينابيعِ الكابري إلى قلبِ المدينةِ، وبنى حوْلها سورًا منيعًا، وشيّدَ داخلها قلعةً حصينةً.

في سنةِ 1799م مرَّ نابليون بجيوشِهِ قريبًا من عكّا، فحاصرها مدّة شهريْنِ، وحاولَ احتلالها، إلّا أنّهُ لم ينجحْ في ذلكَ، رغم أنَّ مدافعهُ التي نُصبتْ على تلٍّ قريبٍ منها ألقتْ

عليها الكثيرَ الكثيرَ من القذائفِ. وقد سُمّيَ هذا التَّلُّ القريبُ باسمِ”تل نابليون”مُنذُ ذلك الحصار.

في سنةِ 1831م احتلّها القائدُ المصريُّ إبراهيم باشا، لكنَّ حُكمَهُ فيها لم يَطُلْ، فقد استَرَدَّها الأتراكُ العثمانيونَ سنة 1840م، وبقيتْ تحتَ سُلطتهم ما يقرُبُمن 80 عامًا. في سنةِ 1918م وقعت عكّا مع سائرِ البلادِ تحت حُكم الانتدابِ البريطانيِّ الذي استمرَّ حتى قيام دولةِ إسرائيل سنة 1948.

عكا والبحر

حُلْمُ الرُّعاةِ وَرَقْصَةُ الرَّيْحانِ وَالْأرْضُ النَّدِيَّة

وَسَنابِلُ القَمْحِ الخَجولَةُ في مَلاءتَهِا البَهِيَّة

وَرَحيقُ أزْهاري، وَأَحْلامُ الشَّبابِ الْعَسْجَدِيَّة

هِيَ كُلُّ ما عِنْدي … فَهَلْ تَرْضى بِها عَكّا هَدِيَّة؟

****

!يا حُلْوَةَ البَسَماتِ يا عَكّا ! رُوَيْدَكِ يا طَهورَة

البَحْرُ قَبَّلَ راحَتَيْكِ، وَجاءَ يَسْأَلُكِ المَشورَة

فَهُوَ الأَميرُ أتاكِ يَخْطُبُ وُدَّ قَلْبَكِ يا أميرَة

!رِفْقََا بِهِ وَبِقَلْبِهِ ! لا تَجْرَحي أبَدًا شُعورَ

****

أَرَأَيْتِ سورَكِ هازِئًا بِالْبَحْرِ لَمْ يَأْبَهْ لِحُبِّهِ

حَتّى خَرَجْتِ إلَيْهِ أَنْتِ لِتَسْمَعي خَلَجاتِ قَلْبِهِ

أمْ قَدْ رَفَضْتِ رَجاءَهُ، فَخَرَجْتِ ثائِرَةً لِحَرْبِهِ

وَبَنَيْتِ أبْياتًا عَلى كَبِدِ الرِّمالِ لِقَطْعِ دَرْبِهِ؟

****

إ لَأَخْشى إِنْ رَفَضْتِ مَشاعِرَ البَحْرِ النَّبيلَة

أنْ يَنْثَني كِبَرًا وَيَخْطُبُ قَلْبَ جارَتِكِ الجَميلَة

وَجَمالُ حَيْفا إنْ تَكُنْ نَقِصَتْهُ نَسْبَتُكِ الْأصيلَة

..فَثَراؤُها نَسَبٌ يُشْرِّفُها، وَيُكْرِمُها فَضيلَة